الخميس، 8 مارس 2012

أسطـورة التليفزيون ليلي رستم تخرج عن صمتها


أسطـورة التليفزيون ليلي رستم تخرج عن صمتها

 
 

 
أسطـورة التليفزيون ليلي رستم تخرج عن صمتها<br>
قالت لي عندما طلبت منها اجراء الحوار لا أحب اجراء الحوارات لأنني لست راغبة في مال أو شهرة كما انني لا احب ان يصدر الآخرون احكاما ضدي‏.‏
كان التحدي الاول امامي هو اقناع الاعلامية القديرة ليلي رستم بالخروج عن صمتها و العزلة التي فرضتها علي نفسها بعد ان ظلت برامجها لسنوات ـ ليست بالطويلة ـ تحتل صدارة شاشة التليفزيون المصري منذ اليوم الاول لاطلاقه عام‏1960..‏ اما التحدي الاكبر فكان محاورة واحدة من اهم و اشهر محاورات الوطن العربي التي درست تقنيات أجراء الحوار في الجامعة الامريكية و اجرت مئات الحوارات مع اهم شخصيات عصرها من نجوم و ادباء و مثقفين‏.‏
قبل الموعد كنت ادق باب بيتها الصغير الأنيق لنبدأ حوارنا الذي امتد اكثر من‏5‏ ساعات‏!!‏ وودعتها و انا افكر في التحدي الاخير‏:‏ كيف انقل كل ما دار في هذا الحوار الطويل؟
بادرتها بالسؤال الذي اعتبرته مفتاحا مهما للحوار‏..‏
‏_‏ لماذا اعتزلت الساحة الاعلامية مبكرا و انت في اوج نجاحك و شهرتك؟
لم اعتزل مبكرا‏..‏ فبعد ثماني سنوات من العمل بالتليفزيون المصري اضطررت للسفر مع زوجي الراحل حاتم الكرداني عندما جاءته فرصة عمل جيدة في أمريكا و لم أتردد لحظة في ترك عملي مفضلة مرافقته الي هناك ثم بعدها الي لبنان التي اقمت بها‏15‏ عاما قدمت اثناءها عدة برامج ناجحة ربما لم تتح الفرصة للمشاهد المصري متابعتها لعدم وجود فضائيات في ذلك الوقت لكنها حققت نجاحا في الدول العربية التي استطاعت شراءها و اذاعتها علي شاشاتها‏.‏
‏_‏ استمر ذلك حتي منتصف الثمانينيات فقط‏..‏ ألا تعتبرين ذلك اعتزالا مبكرا ؟
قد يكون كذلك‏..‏ لكن المناخ العام وقتها لم يكن مشجعا علي الاستمرار في العمل التليفزيوني لاني لا اقوم بتقديم برامج عمال علي بطال بل لابد ان تحمل رسالة و عندما عدت وجدت الناس تتحدث لغة لا افهمها و لم انسجم معها فابتعدت مع استمراري في تقديم برامج في بعض المناسبات بعد انتهاء برامجي الثابتة لكنني عوضت ذلك بالاشتغال باشكال اخري من العمل الاعلامي مثل الصحافة و الكتابة و المراسلة التي تخصصت فيها بالجامعة الامريكية‏.‏
‏_‏ لكن ابعدك هذا عن الاضواء و‏....‏
قاطعتني قائلة‏:‏ عمري ما أحببت الأضواء ولا استمتعت بالشهرة‏!!‏ علي العكس كان يضايقني جدا أن أتواجد مع زوجي أو أصدقائي في مكان عام فيتعرف علي الناس وأجد نفسي فجأة سجينة نظراتهم‏..‏ هذا فضلا عن عالم النميمة الذي يحاصر المشاهير و يفقدهم حرياتهم الخاصة‏..‏ انا لم اعمل في التليفزيون من اجل الشهرة و لا المال لكني كنت أنا و أبناء جيلي نعتبرها رسالة ودورا يجب تأديته نحو المجتمع‏..‏ هل تعلمين انني كنت اتقاضي‏25‏ جنيها عندما كنت اعمل كـ البهلوان و أقدم خمسة برامج مختلفة بينما كان إيجار شقتي في الزمالك وقتها‏33‏ جنيها ؟
‏_‏ مادمت كنت تعتبرين عملك الاعلامي رسالة‏..‏ لماذا انسحبت و توقفت عن أدائها‏..‏ ألا تعتبرين ذلك سلبية ؟؟
قبل ان اجيبك علي سؤالك اقول لك‏:‏ انني مازلت حتي الان اتلقي عروضا من فضائيات لتقديم برامج لكنني ارفضها رفضا قاطعا و اعترف ان موقفي هذا قد يكون به شئ من الانانية لكنني اكتشفت انني نقطة في بحر ولن أستطيع تغيير الكون و لن أستطيع حل مشكلات المرور و الزحام و القمامة وسلوكيات الناس التي أراها تسوء وتتدهور يوما بعد يوم‏...‏لذلك اخترت التقوقع وان اقفل علي نفسي بالضبة و المفتاح‏..‏ اشعر احيانا انني علي خطأ لكن انظر حولي فأجد انني لست وحدي من اختار هذا الموقف بل الاف من الكفاءات والنخب في جميع المجالات الذين تمتلئ بهم مصر و لا يستطيعون عمل شئ
‏_‏ ما تفسيرك لهذا الموقف الجماعي؟
فكرت كثيرا في الاجابة و توصلت الي ان هناك شيئا غلط في الميكانيزم الذي تدار به البلاد‏..‏ هذا الشئ يدفع الاكفاء الي اليأس و السقوط الي القاع بينما يطفو التافهون علي السطح‏!!‏ شيء طارد يجعل الناجحين يفرون خارج البلاد و يجب علي المسئولين اكتشافه و معالجته
‏_‏ ترين ان هذا الخطأ مستمر حتي بعد قيام ثورة يناير ؟‏!‏
اولا‏:‏ أنا لي رأي خاص فيما حدث في مصر في يناير‏..‏ فهو علي أهميته الشديدة لا ينطبق عليه تعريف الثورة التي يجب ان يكون لها كما تعلمنا و تقول كتب التاريخ قادة يعلنون عن انفسهم بوضوح كما يعلنون عن بروتوكول ثورتهم و اهدافهم التي يسعون الي تحقيقها مقدرين أنهم في سبيل تحقيقها مستعدون لتحمل كل الخسائر و التضحية بالارواح‏..‏ اذن الثورة لها رأي و تقدم ضحاياها و هي تبتسم‏..‏ اما ما حدث في مصر فهو زلزال سياسي او انتفاضة بقوة تسونامي قابلها إجراءات من الجيش فيما يشبه انقلابا عسكريا لكن النظام مازال موجودا و الثورة لم تكتمل و مازلنا نتحدث معوعن أشباح وكأن الـ تسونامي بكل قوته لم يستطع انجاز الثورة و اعتقد لو كان المصريون هتفوا بسقوط النظام في الوقت الصحيح كنا سنتجنب الكثير مما نعانيه الآن‏.‏
‏_‏ ماذا تقصدين بـ الوقت الصحيح ؟
في رأيي كان يجب علي المصريين ان يرددوا‏:‏ الشعب يريد‏..‏ اسقاط النظام في مناسبتين مصيريتين الاولي‏:‏ يوم الخامس من يونيو‏67‏ او بالكثير صباح يوم‏6‏ يونيو‏!!‏ ففي ذلك الوقت كان لابد من سقوط النظام الذي سمح بتلك الهزيمة الشنيعة و ضياع حلم وطن عربي بأكمله و استشهاد آلاف من رجاله‏..‏ اقول هذا علي الرغم من محبتي و اعزازي لجمال عبد الناصر الذي لم يكن يحلم بمجد شخصي لكنه يطمح بمجد وطن و مع ذلك فالشعوب تتقدم بمحاسبة قادتها عن اخطائهم و عبد الناصر كان مسئولا‏...‏ اما المناسبة الثانية التي كان يجب علي المصريين ان يسقطوا النظام بسببها كانت هي انتخابات‏2005‏ التي اهان النظام بها شعبه و احتقره و لا ادري لماذا اجلوا انتفاضتهم و لم يجسروا علي القيام بها وقتها مما كان سيجنبنا ويلات ما نعاني منه الآن‏.‏
كأنك غير راضية عما تم تحقيقه حتي الآن‏....‏
قاطعتني باستنكار‏:‏ ما الذي حققناه حتي الان ؟
‏_‏ الا تكفي انتخابات نزيهة أتت بمجلسي شعب وشوري مختار ؟؟
لا استطيع التشكيك في نزاهتها علي الرغم مما شابها من رشاوي انتخابية فهذا يحدث في العالم كله لكنها مع ذلك اتت بمجلس شعب لا يعبر عن كل اطياف الشعب و هذا له اسبابه المشروعة و هي ان نصف الذين لهم حق الانتخاب هم من النساء اللواتي ينتخبن عادة من يمليه عليهن ازواجهن‏!!‏ كما لابد ان نعترف ان الاخوان تنظيم قديم يعود تاريخه الي عام‏1927‏ وانه اشتغل بطريقة حسابية سليمة واستطاع التواصل مع الناس البسطاء الذين يتكون منهم غالبية الشعب المصري بتقديم الخدمات التي عجزت الدولة عن تقديمها لهم لذلك فالدولة هي التي يجب ان تحاسب علي ما آل إليه الوضع‏.‏
‏_‏ اذن انت ضد أغلبية الاخوان في الشعب و الشوري؟‏.‏
انا ضد اختلاط الدين بالسياسة‏..‏ و لا اوافق ان يتحول الدين الي سياسة ففي ذلك مفسدة للاثنين معا و في منتهي الخطورة لانه يؤدي الي تزايد النفاق السياسي و ضياع النوايا الطيبة للدين ثم ينتهي الي سياسة بحتة‏..‏ و التاريخ يروي لنا ان كل بحور الدماء التي سالت علي مداره كانت بسبب تدخل السلطة الدينية في الحكم مما دعا السياسيين الي امتطاء الدين مثل حصان طروادة ثم يرمونه بعد ان يوصلهم الي الحكم‏.‏
‏_‏ هل شاركت في الانتخابات لتدلي برأيك ؟
شاركت في استفتاء الدستور فقط‏!‏ و قررت بعدها الا اشارك في أي انتخابات و ذلك بعد ان شعرت بالاهانة من الخديعة التي تعرض لها الناخبون‏..‏فقد وقفت في الطابور قبل السابعة صباحا و كنت سعيدة بمظاهر التحضر التي ابداها الشعب المصري الا انني فوجئت بأن هناك عملية غسيل مخ دبرت للناس كي يقولوا نعم‏..‏ وتساءلت لماذا اذن قاموا باستفتاء ماداموا يعلمون النتيجة مقدما وفقدت ثقتي في الانتخابات و قررت مقاطعتها‏!!‏
‏_‏ لو كنت وزيرا للاعلام‏..‏ ماهو اول قرار تتخذينه ؟
لن اقبل هذا المنصب او سأقدم استقالتي فورا‏..‏ لكن لو قبلته سيكون اول قراراتي هو التخلص من نصف عدد العاملين في ماسبيرو ثم تطوير و تأهيل النصف الآخر‏.‏
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق