ممدوح حفظى عبدالحميد     بستان الحب            

 مقتطفات من حياة عملاق اللغة العربية ممدوح حفظى عبدالحميد دياب

ممدوح حفظى عبدالحميد      بستان الحب وسلطان العلم 


تعريف

ممدوح حفظى ،أستاذ اللغة العربية وجهبذها وموسوعة الفكر والثقافة والأدب  نابغ مصري مخضرم، ولد في 23 سبتمبر1947 بالأشمونين مركز ملوى محافظة المنيا والتحق بكلية دار العلوم جامعة القاهرة عام 1966 برغبته الشخصية لعشقه للغة العربية بكل فروعها   وحصل على الليسانس 1970كما حصل على ليسانس الحقوق 1979 والماجستير(فى شعر الشاعر العمانى عبدالله الخليلى  ) عام 2005 وقام باعداد رسالة الدكتوراة عن شعر المرأة فى صدر الاسلام  وقد وافته المنية قبل الحصول عليها فى 28 سبتمبر 2008  وعمل مدرساً للغة العربية  فى عدد كبير من المدارس الاعدادية والثانوية فى ديروط وملوى وكان ملء السمع والبصر يشار اليه بالبنان ولازال الآلاف من تلامذته يدينون له بالوفاء والعرفان  ويحظى بالحب والتقدير من الجميع ولازلنا نتندر بقفشاته وضحكاته واسلوبه الراقى و النادر فى خلق جيل يعشق العلم  والحياة منهم الاطباء والصيادلة والمهندسون والكتاب والصحفيين
التدرج فى الوظائف:

 مدرس  للغة العربية ثم مدرس اول وموجهاً للتربية والتعليم ومدير مدرسة ملوى الثانوية للبنات ومديراً للادارة التعليمية بملوى ثم مدير الادارة التعليمية بدير مواس حتى وصل الى منصب وكيل مديرية التربية والتعليم  بالمنيا  ، وحصل على ليسانس الحقوق عام1979 كما حصل على الماجستير عام 2005 وكان له نشاط سياسى  بارز فقد كان عضو مجلس محافظة المنيا 

.نشأته

نشأ ممدوح حفظى فى صعيد  مصر في قرية مصرية أصيلة تمتذ جذورها الى بداية تاريخ مصر الفرعونى وهى قرية الأشمونين ذات الصيت الذائع و الكنوز الأثرية اليونانية والرومانية ولاتزال آثارها حتى اليوم خير شاهد على أصالتها وهى قريبة من  مركز ملوى محافظة المنيا وقد تأثر بالريف المصرى كثيراً فى أحاديثه وكتاباته وحكاياته ، وأعجب بحياة الناس على اختلاف ميولهم وانواعهم وثقافتهم الذين كانوا يزورون قريته، ومنذ صغره كان ممدوح حفظى  متفوقا في كل ماتعلم، وعن أبيه تعلم ألا يقرأ إلا ما يمتعه، فقرأ وقرأ وقرأ، حتى أنهى مكتبات عديدة، وكون ثقافة واسعة  وأبحر بسفن الخيال وسط آلاف الكتب ونهل منها وأصبح بحر من المعرفة الواسعة فعادت فائدتها على كل المحيطين به خاصة تلاميذه  الذين نهلوا من خبراته ومواقفه وآراءه  وقيمه وتقالده وما زال حتى اليوم القدوة والمثل والمعلم . حفظ ممدوح حفظى الكثير من اجزاء القرآن الكريم في سن صغيرة عديدة وقد التحق فى دراسته الابتدائية باحدى المدارس الخاصة بمدينة ملوى وتحمل عناء السفر ذهابا وأيابا من قريته الى مدرسته ليظل متفوقاً على أقرانه وقد كان التلميذ الوحيد فى قريته الذى يلتحق بمدرسة خاصة ، وفي دراسته الثانوية كان الأول دائماً  على كل الطلبة ، وقدأشتهر فيها بالنباهة والتفوق والنبوغ  وكان حلمه الذى يراوده ان يكون صحفياً ناجحاً لذا فقد التحق بالقسم الأدبى فى دراسته الثانوية رغم محاولات أسرته الكثيرة لاثناءه للعدول عن رغبته وبذلت  الأسرة  محاولات مضنية لاقناعه بضرورة الاالتحاق بالقسم العلمى ليصبح طبيبا لأنهم كانوا يرون فيه مستقبل باهر وشخصية فريدة وأمل غالى وحلم السنين ولكن محاولاتهم باءت بالفشل لان ميوله الادبية سيطرت على فكره وتوجهاته ليحقق ماتصبو اليه نفسه  لذا فقد التحق بكلية دار العلوم جامعة القاهرة  برغبته الشخصية    وعمل مدرساً للغة العربية ، أحس ممدوح حفظى بأنه منعزل تماما عن الدنيا في فترة حياته وظل كذلك لفترة لاهم له إلا شراء الكتب فى مختلف العلوم وكانت قراءته  بنهم شديد وكان موسوعة علمية تمشى على الارض .واطلع  على كتب عديدة  فى شتى انواع المعرفة ،عمل مدرسا للغة العربية بمدرسة ديروط الشريف الاعدادية ، ديروط الثانوية للبنات ، ديروط الثانوية العسكرية عام1971 حتى عام 1979، وسافر الى دولة البحرين للتدريس عام 1984 حتى عام 1988 وعاد للتدريس مرة أخرى بمدرسة ملوى الثانوية للبنات وعمل موجها عدة سنوات ثم مدير الادارة التعليمية بملوى ومدير للادارة التعليمية بدير مواس وتدرج الى ان تولى منصب وكيل مديرية التربية والتعليم بالمنيا . عرف بأن له عادات خاصة جدآ فهو يسافر الى القاهرة كل عام الى عشقه الاول والأخير معرض القاهرة للكتاب ليذوب فى بحوره ويسبح فى فروعه ويستنشق عبير كتبه ويهيم فى ملكوت العلم والعلوم ويستزيد من المعرفة ويرتوى من ثقافته ،  ويعود حاملا مالذ وطاب من كل انواع الكتب فى مختلف فنون المعرفة ومن عاداته أيضاً انه يقوم ليصلى الفجر ثم يكتب في فى وريقات ما يجول به خاطره ويحفر عليها يومياته وبعد ان يفرغ منها يقرأ مايشاء من كنوزه اى كتبه التى يحتفظ فى مكتبته بأكثر من 6000 آلاف كتاب   ، ومن عاداته أيضا أن يتناول طعام الافطار ويرتدى ملابسه ويقوم بتحصير دروسه  ويقرأ بعض آيات الذكر الحكيم ويتوجه بعدها  الى عمله.  كانت بداياته في عالم التدريس في مدارس ديروط الاعدادية والثانوية والتى حقق فيها نجاحات رائعة وحصل على حب لايدانيه حب من الجميع وقد ابدع وصنع اجيال من خيال  رجال يشار اليهم بالبنان وفتيات حاول معهن حتى اصبحن من المتفوقات واعتلين اعلى المناصب وأصبح اسمه على كل لسان ونال شهرة واسعة ذاع صيتها بين القرى والمدن المجاورة  . وفى سلطنة عمان ساهم فى بناء جيل واع  و مثقف يعشق العلم  ويتذوق اللغة والتاريخ من عام 1998 حتى عام 2000 وترك بصمات راسخة محفورة حتى اليوم فى الوجدان العمانى  .واذا ما بحثنا عن الحب والتقدير والوفاء سنجد  له تمثال في قلب كل طالب وطالبة تلقوا العلم على يديه واسهم فى بناء هم الثقافى والعلمى وهذا  يعكس مدى الحب و الفخر بهذه الشخصية العظيمة . 
 هوامش  مضيئة 

- عشق جمال عبد الناصر وغرس فينا حبه وحب الأساطير الشجعان الثوار و العظماء الوطنيين امثاله  وصور لنا  بطولاته وحماسه وشجاعته فأحببناه وعشقنا خطاه وكرهنا من عاداه ومن ترتيب القدر انه توفى فى 28 سبتمبر فى مثل اليوم الذى توفى فيه الزعيم عبدالناصر   .
-  فاز بلقب المدرس المثالى الأول فى مطلع حياته  بمدرسة ديروط الشريف الاعدادية وكانت لفتة لاتنسى من طلاب وطالبات المدرسة حين قدموا له هدايا رمزية فمنهم من قدم كارت وورد وملبس ووريقات مكتوب عليها الف مبروك  ويومها بكى الأستاذ حباً وعرفاناً وشكرآ 
.- فى مطلع حياته كان يحب صوت عبدالحليم حافظ وعفاف راضى ونجاة وكان يطلق عليها لقب الضوء المسموع  وكان يعشق وديع الصافى بصوته الجبلى الرخيم وكان دائماً يطلق عليه لقب خالى وديع اما عن سعاد حسنى حدث ولاحرج فهى الاميرة الجميلة الرقيقة الدلوعة المبهرة والسندريللا الحالمة ذات العيون الضاحكة وكان دائماً يترحم ويحترم عمو حسنى الذى انجب صوت الحب نجاة واميرة القلوب سعاد وكان يسمو ويهيم مع صوت عفاف راضى الصوت الذهبى الرائع وكان يطلق عليه النسمة  وكان يعشق الربيع والزهور ويتمنى ان يمتلك بستان  يجمع فيه الأحبة والخلان .
- زوج وأب لثلاثة اولاد أكبرهم الأستاذة الدكتورة ايناس بكلية الطب جامعة الفيوم 

ممدوح حفظى المعلم المحبوب

 دخل الاستاذ ممدوح فصل ثانية اول  بالمدرسة الاعدادية بديروط الشريف وكان الفصل المشترك الوحيد بالمرسة ( خمسة وعشرون طالبة وخمس عشر طالبة)وأغلق باب الفصل خلفه ووقف فى مواجهة التلاميذ والسبورة خلفه وانتظر قليلا حتى انتهى الهرج والمرج و صمت التلاميذ وساد الهدوء. صباح الخير انا مدرس اللغة العربية الجديد. ارجو الانضباط والاحترام داخل الفصل وخصوصا اثناء الشرح ومن يلتزم بذلك سيكون التفوق مصيره وليس النجاح فقط ومن لم يلتزم بذلك سأجعله مسخ , اسمى ممدوح حفظى عبدالحميد وهنا وقف التلاميذ احتراما له وطلب منهم الجلوس وطلب من التلاميذ تقديم انفسهم وبدأ  الحديث عن اللغة العربية وكيف نتذوقها  وجمالياتها باسلوب مبسط جميل كان دافئآ فى معاملاته الشخصية حاضر البديهة يشيع جوا من المرح تشعر بأنه صديقك يتمتع بشخصية ودودة  كان نظيفآ فى ملبسه يرتدى بدلة سوداء والقميص ابيض اللون وكرافتة  وكان صوته يبعث على الارتياح وأثناء حديثه الشيق دق جرس المدرسة ايذانا بانتهاء  الحصة ولاول مرة يغضب الطلاب والطالبات  وطلبوا منه الاستمرار  ورد قائلآ بكرة هتزهقوا منى وردالجميع لالا ياأستاذ وانتهى اليوم الاول و تبادلت الطالبات كلمات الاعجاب والاستحسان عن هذا المدرس جميل الصورة ابيض اللون المشرب بحمرة وعيناه الخضراوان وأخذت كل منهن تحكى عن جمال وشياكة  الأستاذ .وفى اليوم الثانى طلب الاستاذ  من طلاب وطالبات الفصل كراسة التعبير او ورقة بيضاء وبدا شرح كيفية كتابة موضوع التعبير بأفكاره واهدافه وطلب منا كتابة موضوع عن الربيع وعندما انتهت الحصة قام بجمع الكراسات لتصحبحها واحضارها فى اليوم التالى دخل الأستاذ الفصل ضاحكاً وسأل فين محسن وناجح وصلاح واحمد وعفاف واميمة وصفاء كل واحد من هذه الأسماء يكتب لى موصوع تعبير عن الادخار اما باقى الفصل فقام بتوجيه كل منهم على حدة  وكيفية تصحيح الأخطاء والارتقاء فى الاسلوب وكيفية استخراج الافكار وطلب منهم اعادة كتابة الموضوع .قدمت لمعلمى ماكتبت عن الادخار وأخذ الاستاذ يقرأ ويحدق فى مرات وقال لى بالخرف الواحد مش ممكن انا عاجز قدام اسلوبك وفكرك وتعبيرك وطلب منى الجلوس فى مكانى وسألنى ابوك بيشتغل ايه رديت مدرس وربت على كتفى كثيراً ثم واصل قراءة الموضوعات الاخرى التى قدمها له الزملاء الآخرين .وعرفنا بعد ذلك انه يحاول معرفة مستوى كل طلاب وطالبات الفصل بهذه الطريقة ويبدأ فى تحسين المستوى بمعالجة نقة ضعف كل منهم .وفى حصة النصوص بدأ يشرح النص شرحاً وافياً ويسهب فيه ويسأل أثناء ذلك ويشرح المعانى ويسأل ويجيب الطلاب ويعيد الشرح ويتجلى ويسأل فجأة كل من تقع عليه عيناه  وخرجنا بعد هذه الحصة سكارى تملأنا النشوى والغبطة بهذه الطريقة المثلى والاسلوب السهل الرصين الجميل لقد حول كل من بالفصل الى مشاركين فاهمين سعداء .اما فى حصص النحو فقد بدأ يشرح من أول الجملة الفعلية والاسمية والكل يشارك ثم تطرق الى المنهج وقد أحدث انقلاب فى الفكر والمستوى كان يقوم باذابة المعلومات ويسقيها لنا  ويقف كثيراً امام كل طالبة او طالب حتى يشعر انه استوعب الدرس انها سيمفونية علمية ناطقة بطلها معلم متفوق تغنى الجميع بأسمه كثيراً حتى يومنا هذا واستطاع منذ الحصة الاولى والثانية  معرفة مستوى الطلاب الاجتماعي وخلفيتهم الثقافية ونوعية أفكارهم  وقد افاده في أسلوب طرح الأفكار وعرض الدرس، واختيار الأمثلة.كان يشكل  مجموعات الاولى صفوف، والأخرى على شكل دائرة، والثالثة على شكل مجموعات صغيرة ويجعل كل طالب او طالبة  يشرح الدرس للآخرين ويكون  الطالب مستعداً  لاى سؤال يطرح عليه والطلاب مستعدون للسؤال او الاجابة وما ان تنتهى الحصة الا ويكون الجميع قد استوعب الدرس جيداً  .. وهكذا،كان يسبق عصره وبعد ستوات عرفنا مجموعات العمل وورش العمل الخ ومن الذكاء الفريد اذا ما شعر ان هناك ملل كان يقوم   بأداء الدرس خارج الفصل وكم كان  مفيدا هذا الاسلوب الواعى فى افادة الطلاب وتركيزهم العالى طوال الحصة وكان يقول اذا كان هناك ملل لدى الطلاب  فلماذا الجلوس في الفصل. كان يستخدم الاسلوب القصصي عندما يشعر ان هناك حاجة لذلك، وكانت الطالبات والطلاب  مولعون بمتابعة القصة.ويستفسرون ويحاورون •كان يسمح بشيء من الدعابة، فالدعابة والمزاح الخفيف الذي لا إيذاء فيه لمشاعر أحد ولا كذب من الأمور التي كانت تروح عن النفس وتطرد الملل. •   ومن اهم ما كان يتميز به عن الجميع محاورةُ الطلاب، فالحوار هو الفنُّ السّامي عند ه ونبضُ حسّه الواعد، وأبجديّةُ أفكاره الواعية، التي إنما تمتصُّ المعاني من نفوس الطلاب كما تمتصّ الزهورُ ذراتِ الهواء ثمّ تَبعثها من جديد أريجاً وعبقاً وسناً يُفتّق إبداعاتِ الطلاب، ويثيرُ ملكاتهم المعطاءة لتنتج عنها الآمال المنشودة والأماني الواعدة..ولن ننسى  زيارة هذا المعلم الفاضل لأحد طلابه عند مرضه وزيارته لاهالى طلابه  وطالباته عند مرضهم.. تصوّروا فرحة الطالب وهو يرى معلمَه يزورُه وهو على سرير المرض.. حقاً إنه موقف يمتلئ خلقاً ونبلاً وإنسانية.  كان  استاذنا يتصف بــ الدفء في المعاملة الشخصية قوى الملاحظة  يقدر المسؤولية منظم في سلوكه وعمله له القدرة على استثارة غيره ويتمتع بقدر كبير من المبادرة والإبداع ـ كان  متعاون إلى أقصى حـــدـ يشرح دروسه جيداـ يستخدم الأمثلة في الشرح شعاره حسن الخلقـ حاضر البديهةـ  رؤوف حليم  يشعر بشعورطلابه وطالباته   تشعر بأنه صديقك  لقد جعل التدريس شيقاـ يعرف تماماً كيف يروى ظمأ طلابه بعلمه الغزير  ودماثة خلقه ومادته التى حولها الى حصة حب وتفوق  يبدى قدرا كبيرا من الحماسةـ لديه القدرة على تنظيم وفهم الآخرين و يشجع مشاركة طلابه  ويمتلك  روح مرح حقيقية  ـ يتمتع بشخصية ودودةـ يبدي اهتماما بالجميع نبرات صوته تبعث على الارتياح ـ نظيف في ملبسه.كانت لديه قدرة فائقة على فهم ومعرفة وقراءة مايجول فى عقول الآخرين فقد استطاع . ان يحتوى ويجذب الطالبات قبل الطلاب اليه   فوضع القواعد الاساسية فى كيفية  التعامل معه. كان دارسا وواعياً لمرحلة المراهقة التى يمر بها تلامذته فسهل عليه تفسير كثير من التصرفات التي تصدر منهم . و كثيراً ماكان يعطى لنا  العظة والعبرة لكي نحتذي بها .وفي كل حصة له يعطينا علماً جديداً نستفيد منه، مهما كانت المعلومات قليلة ولكنها غنية بالمعاني العظيمة، ففي كلامه حكمة، وفي نظرته أمل، وفي أفعاله خير عمل، فهو معلم بكل معنى الكلمة فطريقته في إيصال المعلومات تثير في دافعنا الإحساس بالتشويق، ودائماً يشعرنا بأهمية العلم والتعليم، وأنهما كلمتان مترادفتان في المعنى، متساويتان في القيمة فكلاهما مهمان في طلب العلم.فما أعظم  المعلم الذي أيقظ في انفسنا قيمة العلم في هذه الحياة، فهذا المعلم ليس له مثيل، فبالنسبة لي هو معلمي وناصحي وأبي  وأخلاقه عالية، وشخصيته قوية، وهو قادر على التعامل مع جميع مستويات الطلبة  بمختلف الأعمار لما يملكه من مهارةٍ في التواصل مع الآخرين.فثقافته لا تقتصر على العلوم العربية فقط، ولكن تتعدى ثقافته إلى معرفته بالعلوم الأخرى منها العلوم الإسلامية فقد زرع فينا الوازع الديتى والخوف من الله واحترام الكبير والحلم والامانة والعطف فقد وضع تعاليم الاسلام فى قلوبنا ونذكر جميعاً سورة الحجرات التى كنا نحفظها لآداءه الراقى فى شرح تفسيرها وتكرارها حتى حفظناها عن ظهر قلب وكلما قرأنا هذه السورة او سمعناها نتذكر هذا المعلم القدير وندعو له ، وكان متفوقا فى العلوم الاجتماعية والنفسية وحكى لنا الكثير من القصص والنوادر التى لازالت عالقة فى اذهاننا . لقد كان  يبذل قصارى جهده  وفكره للإجابة عن الأسئلة التي نطرحهاعليه. سواء كان  السؤال متصلاً بالموضوع الذي ألقاه علينا أو أنه خارج عن الموضوع نفسه،وكنا نرى أنه يبذل أقصى ما في وسعه لإيصال المعلومة المناسبة والمفيدة لكي نتلقاها ونفهمها بسهولةٍ ويسر، فهو كالشمس التي تحرق نفسها لتنير لنا الأرض، وهو كالمطر الذي يسقي الأرض لتُنبت ما فيها من الخيرات.  كالنهر الجاري الذي يستقي منه الناس فيروون به عطشهم، وفضائله كثيرة وعديدة فقد حولنى الى طاقة جبارة والهب حماسى وكان يدفعتى دفعاً ليرتقى بفكرى واسلوبى كان يأخد موضوعات التعبير التى اكتبها ويتفاخر بها فى الفصول الاخرى كان يتحدى ان يكتب احد مثل ماأكتب ولن انسى جملته الشهيرة والتى كان يرددها فى كل مكان محسن سيكون كاتب وصحفى كبير . هذا هو معلمي الذي أفتخر بأن أكون تلميذه ،كان دائماً يقول اتمنى أن نصبحوا  أشخاصاً مرموقين في المستقبل  و لكن مهما كتبت من كلماتٍ و عباراتٍ إلى أن يجف حبر قلمي من كثرة الكتابة فهذا لن يوفٍّ حقه، بل هناك المزيد من الصفات الحميدة التي لم أوردها في صفحاتي.ولكني أردت الكتابة عن أهم ما جذبني في جعله أفضل معلمٍ قابلته خلال مسيرتي التعليمية،  لأن المعلم هو عالم، والعلماء لهم منزلة كبيرة وأجر عظيم عند الله سبحانه وتعالى.فإليك يا معلمي واستاذى الحبيب أقدم كل معاني التقدير والاحترام لما بذلته من جهودٍ فعالة في سبيل تحقيق اهدافنا واحلامنا .

ذكرياتى مع الأستاذ

- كنت أشعر ان الاستاذ صديقى وأخى ومعلمى كان يشيد بى فى كل فصول المدرسة يعرض موضوعات الانشاء التى اكتبها على الجميع ويفتخر ويتحدى ويعد ان مستقبلى باهر فى الكتابة وكم كان يسعدنى ثناء الطلاب على كتاباتى ونقل كلمات استاذى التى تشيد بى كنت أطير من الفرح واحاول ان اكتب واكتب حتى انال رضاه .
 - قدم لى مجموعة قصصية عبارة عن قصص قصيرة وطلب منى قراءتها جيدا وبعد قراءتها طلب منى ان اكتب باسلوبى كل قصة على حدة كما فهمت وتذكرت وكانت اول خطوة اخطوها فى كتابة القصة وقد ساعدنى كثيرا فى كيفية الوصف والمقدمة والحوار واستطعت كتابة القصة الثانية كما كان يريد وتفوقت على نفسى فى الثالثة والرابعة .- كانت تجاور مقعدى زميلة على قدر كبير من الجمال كنا نناديها بالبرنسيسة وكنت دائم الحديث معا والنظر اليها والتنقل من مقعدى الى مقعدها عندما يكون الاستاذ منهمك فى تصيح الكراسات وكان الاستاذ يرمقنى بنظرات حانية ويبتسم ويقوم بسؤالها فجأة وكنت القنها الاجابة بصوت هامس خوفا من عقابها بالمسطرة التى يمسكها بيده ويتجه نحوى طالبا منى بصوت خافت عدم تكرار ذلك .
- عندما كنا نلعب كرة القدم فى حصة الالعاب يطلب الاستاذ المشاركة مع فريقى وكان يعلمنا المهارات الاساسية اثناء اللعب ومثلما كان فريداً فى علومه كان حريفاً فى لعب الكرة وتكتيكها وتوظيفها وكان ماهراً فى الألعاب الفنية الطائرة .
- كان  يتقن فنون الكرة الطائرة وكان  يطلب منى مشاركته فى اللعب مع الطالبات  يشارك مع فريق وانا مع الآخر ثم يقوم بتعليم الطالبات مهارات الكرة الطائرة وكان يقوم بدور المدرب فى كيفية اللعب وعدم لمس الشبكة وكيفية لعب السيرف واتقنت الطالبات لعب الكرة الطائرة وكان ناظر المدرسة يعلق على ذلك بقوله باقى المزيكا تعلمها للطلبة  يادوحة .
- حضر وفد من مديرية التربية والتعليم  باسيوط للتفتيش على المدرسة والمدرسين ومعرفة مستوى الطلاب وبدأ ناظر المدرسة عبدالحفيظ شحات الذى كان يشبهه كثيراً بفصلنا وتناوب الوفد القاء الاسئلة تباعاً وكان كل الطلاب والطالبات متفوقين بدرجة امتياز الكل يرفع يده طالب الاجابة لقد ادهشهم هذا المستوى الرائع ولاانسى كلمة الاستاذ للوفد اسالوا اى اسئلة خارج المنهج تتعلق بالقواعد اللغوية او الانشائية فلدى فى هذا الفصل عباقرة  مثل هذا الطالب محسن هاشم وابتسم الوفد وشعر بالغبطة وكنا سعداء لسعادة استاذنا العزيز وقد ارسل الوفد له شهادة تقدير .
- كان الاستاذ يطلق على جميلة الجميلات فى الفصل الزيزفونة ( البنفسج) ويطلق على ظلالها وكان ينادى الطالبات  باسماء الزهور الوردة البلدى سناء الحلوانى والفلة عفاف والنسمة ابتسام والنرجس ليلى والياسمين صفاء - كنت امشى  مع صديقى وزميلى بالفصل خلف زميلتى الجميلة حتى منزلها وخوفاً من قيام احد بمعاكستها وقد رآنى ولم يعرنى اهتمام وفى الصباح نادانى وسالنى لماذا تسير خلف زميلتك رديت علشان خايف حد يعاكسها فابتسم وقال اذا اردت ان تفعل ذلك لاتسير خلفها مباشرة اجعل هناك مسافة كبيرة حتى لاتسبب لها اى مشكلة وتسىْ لها ورغم انى لم افعل ذلك ولكن كلماته ظلت فى مسمعى
 - اراد الاستاذ اجراء انتخابات لاختياررائد للفصل وطلب منى كتابة اسمى ولكن قلت له بلاش انا اكتب الزيزفونة وبالفعل تم اختيار الزيزفونة بعد ان قمت بكتابة عدد كبيرمن الاصوات باسمها نيابة عن زملائى وطلبت من الطالبات اختيارها وكان الاستاذ مشغول بتصحيح الكراسات وطلب منى جمع الاصوات وفرزها وكتابتها على السبورة وعندما قلت له الزيزفونة اكتسحت ابتسم وقال بمزاجى .
- بعد سنوات قابلت الزيزفونة كما كان يطلق عليها استاذنا وسالتنى ماذا عن اخبار الاستاذ هل اقوم بزيارته وهل هناك مراسلات واين هو وفى اى مدرسة ولما اجبتها بالنفى شعرت بالضيق وقبل ان تنصرف وعدتها بزيارته ومعرفة اخباره وتكررت المقابلات والسؤال هو السؤال والجواب نفس الجواب 
- بعد عدة سنوات سافرت مع وفد صحفى لزيارة المعالم الثرية لمدينة المنيا وذهبنا الى الاشمونين وسالت عن الاستاذ وفشلت فى الوصول اليه وبحثت عن الزيزفونة لاخبرها ولكنها تاهت وسط الزحام وطارت كالدخان.