الثلاثاء، 25 نوفمبر 2014

نابليون وجوزفين قصة حب خالدة اعداد : محسن هاشم عبدالله

مر نابليون ببعض المواقف الغرامية الطائشة في سن مبكر وإنتهت بالفشل من مهرجان حصاد الكرز


في سن 16(كارولاين) وأيضاً أخت زوجة اخيه وابنة اكبر تجار الاقمشه آن ذاك وأنتهت برفض من

والدها وقال :يكفي فرد واحد من عائلة بونابرت .. في ما بعد أصبحت ملكة للسويد وتزوجت من احد

أعدائه .. أتجه نابليون إلى عمله العسكري بكل إرادته وأصبح بطلاً ذائع الصيت بعد قمع العصيان

الملكي ويشار له بالبنان ..



وبدأت قصة الحب الخالدة بين نابليون وجوزفين وقد إختلفت الرويات فأحداها قال إنه عرفها عن

طريق أحد أصدقائه ولها طفلة ورواية أخرى تقول إنها ام لطفلين ذهب أحدهما ليطلب نابليون

الإحتفاظ بسيف والده الذي أُعدم بعد عمليات الشغب وعندما عاد يحكي لإمه عن حسن تعامل نابليون

له قررت أن تدعوه على العشاء وتقدم له الشكر ومنذ تلك الزيارة لم تنقطع لقاءاتهم المتوالية

..ووقع نابليون في حب جوزفين رغم أنها تكبره ب6 أعوام









لم تكن شديدة الجمال ولكن كانت تمتلك الجاذبية الهادئة ..وصوت عذب وجميل

في عام 1796م تزوجا بعد أن ملئت قلب نابليون حباً .. وإمتلكته بميزان غير عادل من أمراة تملك

كل مقومات الحب ونابليون الذي لم يعرفه من قبل وغير نابليون إسمها من روز الى جوزفين كما

كان يحلو له مناداتها .. بعد يوم واحد فقط سافر نابليون لإستلام جيشه في إيطاليا وربما كان يعلم

مسبقاً فقرر الزواج ولو لساعات بحبيبته جوزفين









وفي الحرب على رغم إنتصاراته كان هناك شي أقوى يضفى على نابليون الحزن العميق ألا وهو

فراق حبيبته وكان يكتب لها أروع الخطابات ورسائله (أعظم راسائل الحب) ولقد بلغ عددها 33 الف

ويبعثها لها ويشكى لها حاله وماوصل اليه من الشوق ومن اشهر رسائله



‎ ”‎لم أمضِ يوما واحدا دون أن أحبكِ، ولا ليلة واحدة دون أن أعانق طيفكِ‎

وما شربت كوبا من الشاي دون أن ألعن العظمة والطموح‏‎

اللذين اضطراني إلى أن أكون بعيدا عنكِ وعن روحكِ الوثّابة، التي أذاقتني عذوبة الحياة‎

إن اليوم الذي تقولين فيه أن حبكِ لي قد نقص، هو اليوم الذي يكون خاتمة حياتي‏‎”‎‏.‏



وأخرى من رسائله



وحدها عزيزتي جوزفين تقبع في قلبي ، تحتل روحي ، تشغل تفكيري . إذا كنت قد ابتعدتُ عنك بسرعة

جريان نهر الرون، فلكي أعود بسرعة لأراك، إذا كنت أستيقظ ليلا لأعمل، فلكي أستعجل عودتي

لرفيقة عمري الرقيقة"



. آلاف يورو ما بيعت في مزاد علني في العاصمة البريطانية لندن رسالة حب كتبها نابليون بونابرت

للامبراطورة جوزفين قبل زواجه بها بمبلغ 409 يصل إلى خمسة أضعاف المبلغ الذي كان مقدرا

لها. وكان نابليون بونابرت إذا فرغ من الكتابة مسح ريشته في كم سترته.‏



وفي مقابل ذلك كانت جوزفين مشغولة بالحفلات وحياة الترف بباريس وتوهمت دور البطلة وزوجة

نابليون القائد..وبداءمحاولاته الحنونة ان تأتي إليه دون جدوى فأمرها بالسفر حيث هو بايطاليا

وعند عودتها إلى باريس بعد هذه الرحلة أُستقبلت بحفاوة لم تعهدها إمراة بفرنسا

وتوجا امبراطور وامبراطورة لفرنسا











دخل الغرور والزهو الى قلبها واصبحت تبالغ في شراء أزياها وأثاث المنزل وتدفع أمولاً طائلةً

للحفلات ولم يكن يعترض حبيبها نابليون وكان يكفيه منها أنها تلك المراة التى يعشقها ولن يرفض

لها طلب ..









وفي عام 1798 م قام نابليون بحملته ضد مصر وودع جوزفين مرة آخرى .. تلقى نابليون خطاباً من

اخيه جوزيف ان جوزفين وقعت في حب شاب وسيم وتنفق أموله ببذخ كانت صدمةً عظيمة تلقاها

نابليون في غربته..ضحك بسخرية وقال :لقد تحطمت سعادتي فلقد كان يرى جوزفين سعادته الأبديه

رغم ماحققه من نصر ومركز وفي هذا الحال المزري كان يتخبط نابليون عاطفياً فقد كسرته فاتنته

جوزفين وفي تلك الأثناء عرف زوجة ضابط في الجيش تدعى مارغريت وكانت ترتدي قلادة تحمل

صورته وتهتم به .. توهم أنها ضماداً لجرح نابليون العميق



رجع نابليون إلى فرنسا فجأة وكانت جوزفين خارج المنزل وقد أحاط به الاهل والأصدقاء وقدموا له

معروض بسوء سلوك جوزفين واستهتارها وتمادوا في ذلك وربما اكثر مما يحتمل



قدمت جوزفين وعلمت بغضب نابليون وطلبت منه العفو السماح وتوسلت اليه وكانت جادة في توبتها

ووعدها له بالأخلاص ...ولان جوزفين كانت تعني له الكثير وحبها يفوق كل هفواتها سامحها إلا ان

جرح نابليون من خيانة جوزفين مازال يدمي ..عبثاً حاول الهروب من آلامه

وتعددت علاقاته مع نساء المجتمع والممثلات ..ولان جوزفين لم تنجب له الإبن المنتظر والوريث

لامبراطورية ابيه رغم ان لها إبنين من قبل الا ان وريث نابليون لم يأتي



وفي تعدد علاقاته وجد من الكونتيسة البولندية ماري الزوجة وام لإبنه الذي سيحمل الجينات الملكيه

وهي زوجة الرجل السبيعني ولم تتجاوز 18عام ورغم رفضها الاول مقابلته الا انها رضخت لذلك بعد

وعد نابليون لها بان تكون مصلحة بلدها امانة في عنقه ..وتم الزواج وأنجبت له الوريث واطلق عليه

ملك الروم .. وتبقى جوزفين هي الحب الاول والاخير الذي علق قلب أكبر قائد عسكري عرفتها الدنيا

ان ذاك ..











قرر أن يطلقها وهو مغرم بها الى الأبد ...كانت الفاجعة قوية جداً هزت جوزفين وسقطت

مغشياً عليها ثم رحلت بعد أيام بكبرياء .. كثر اعداء نابليون وبدات امبراطوريته تسقط وقد ودع

زوجتة وابنه 1814م ولم يراهما بعد ذلك وغادر الى البا .. علم نابليون بمرض محبوبته جوزفين

بالدفتيرياء ومن ثم وفاتها .. ذهب الى باريس محاولاً استعادة سلطته وليس ذلك فحسب بل ليزور

منزل جوزفين ويلقى على روحها نظرة ..وإنخرط في البكاء المرير ...ورحل الى المنفى ونفي بعدها

إلى جزيرة سانت هيلينا حيث مات بسرطان المعدة. وقد قيل أنه إغتيل عن طريق طلاء جدران غرفته

بالزرنيخ وتسبب ذلك له بقرحة معدية لازمته حتى وفاته ولذلك كان غالباً مايضع يده داخل سترته

فوق معدته رحل بعد جوزفين وحيدا .. بعدها لا يملئ مكانها في حياته احد

الاثنين، 24 نوفمبر 2014

من خلال لونكِ المفضّل نحلل شخصيتك اعداد: محسن هاشم عبدالله

.


العديد من الألوان تقتحم حياتنا في كل لحظة، ولكن هناك ما هو مفضل لدينا فكيف يكشف هذا اللون عن مدلول شخصيتنا؟!





الأبيض: شخصيّة مسالمة، تحبّ المثاليّة في ما يتعلّق بمحيطها إلى حد كبير وتعشق البساطة في الحياة.





الأحمر: شخصيّة مندفعة، حماسيّة، تحبّ الخروج والقيام بالنشاطات. لا تفتقر إلى الحيويّة والقوّة حتّى في أصعب الأوقات وأشدّها تعباً.





البني: شخصيّة صبورة، مستقلّة ومحطّ كبير للثقة، ولكنّها تميل قليلاً إلى التزمّت والمحافظة. تحبّ أن تكون في موقع المسؤوليّة وتبرع في ذلك.





الزهري: شخصيّة محبّة لطيفة وحنونة، تتمتّع بعاطفة الأمومة بشكل كبير كما تحبّ المعاملة المميزة.





البرتقالي: شخصيّة مرحة إجمالاً، ولكنّها تميل قليلاً إلى الدراماتيكيّة والمبالغة في ردات فعلها. تميل إلى المجادلة والمعارضة.





الأصفر: شخصيّة مغامرة، حرّة، تبحث بشكل دائم عن تحقيق ذاتها واكتشاف أمور جديدة. إجمالاً ما تتمتّع بروح دعابة كبير.





الأخضر: شخصيّة صريحة، تحبّ العمل الجماعي وتتمتّع بطباع اجتماعية ساحرة. إنسانة متواضعة، صبورة وتتعامل بكلّ حضارة أمام مختلف المواقف.





الأزرق: إنسانة رقيقة، متعاطفة وشغوفة، تعشق الاهتمام بالآخرين. تميل إلى الحساسيّة في الشعور ولكنّها تعرف كيف تضبط نفسها في الوقت نفسه.





البنفسجي: شخصيّة ذكيّة ولكن حساسة، تبحث دائماً عن التميّز والتفرّد. تميل أحياناً إلى الغرابة في تصرّفاتها، تعشق الفنّ.





الرمادي: شخصيّة تحبّ السلام وتتحاشى النزاعات، حيث أنّها قد تلجأ إلى المساومات لتفادي أي مواجهة محتملة. تميل أكثر من غيرها إلى الإدمان على العمل حتّى لو كان من دون مقابل يُذكر.





الأسود: شخصيّة تميل إلى الغموض، حيث أنّها تكره التباهي رغم مميزات شخصيّتها اللافتة. تميل كذلك إلى كبت مشاعرها

لماذا سميت مصر بهذا الاسم

انها سميت مصر على اسم مصر بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام .


حيث ان بيصر بن حام بن نوح عليه السلام اول من سكن مصر بعد الطوفان، وكان مصر اكبر اولاده وهو الذى ساق اباه وجميع اخوته الى مصر فنزلوا بها فسميت مصر على اسمه (مصر بن بيصر بن حام بن نوح عليه السلام).

وذكر ان سيدنا نوح عليه السلام دعا له قبل ذلك قائلا (اللهم انه اجاب دعوتى فبارك فيه وفى ذريته و اسكنه الارض المباركة – يقصد ارض مصر – التي هي ام البلاد وغوث العباد التى نهرها افضل انهار الدنيا واجعل فيها افضل البركات وسخر له ولولده الارض وذللها لهم وقوهم عليها).

جاء ذلك في كتاب فتوح مصر واخبارها لابى القاسم بن عبدالله بن عبد الحكم بن اعين القرشى المصرى صـــ 7 وما بعدها.

دمنهور - ديروط - زمالك

• عرفت دمنهور في النصوص المصرية القديمة باسم “دى من حور” أي مدينة الإله ، وفي النصوص المصرية عرفت أيضاً باسم




• “بحدت”، وفي النصوص اليونانية عرفت باسم “هرموبوليس برفا” أي مدينة هرمس الصغرى، وكذلك سميت “أبوللونوبوليس” نسبة للمعبود اليوناني أبولّو ثم أطلقوا عليها اسم تِلْ بَلاَمون، لكن المصريين أعادوا إليها اسمها المصري القديم ونطقوها “تمنهور”، وبعد الفتح الإسلامي حرفت بالعربية إلى اسمها المعروف الآن “دمنهور”

• كلمة دمنهور هى من أصل فرعونى وهى عبارة عن 3 كلمات دمى إن حور وحرفت إلى دمنهور ومعناها حور الذى فى السماء

    زمالك تعنى اسطبلات الخيول ومفردها زملك ومنطقة الزمالك ونادى الزمالك كانت منطقة اسطبلات للخيول   ديروط تعنى طريق الموت وسميت كذلك بعد قتل حاكم الانجليز بوب " die route"

الصوم فى علم النفس اعداد : محسن هاشم عبدالله

للصوم فوائده النفسية العديدة، وأولى هذه الفوائد إنماء الشخصية، والنضج، وتحمل المسؤولية، والراحة النفسية. إنه يعطى الفرصة للإنسان لكى يفكر فى ذاته، ويعمل على التوازن، الذى يؤدى إلى الصحة النفسية، وبالطبع فإن الصيام يدرب الإنسان، وينمى قدرته على التحكم فى الذات، وإخضاع ميول الدنيا، وكل ذلك يتم بقوة الإيمان. وتتجلى فى رمضان أسمى غايات كبح جماح النفس وترويضها، بترك بعض العادات السيئة، مثلما يترك المدخن التدخين، ولو مؤقتاً، على أمل تركه نهائياً، وكذلك عادة شرب القهوة والشاى بكثرة. هذا فضلاً عن فوائده النفسية الكثيرة، فالصائم يشعر بالطمأنينة، والراحة النفسية والفكرية، ومن هنا يأتى الخشوع، والاتجاه الصحيح لله. وقد لا يتعارض الصوم مع بعض الأمراض النفسية والعصبية، وعلى هذا يستطيع هذا المريض أن يصوم، بل أحيانا من الضرورى أن يفعل ذلك، فالصيام له تأثيره المخفف لحدة المعاناة، والآلام فى كثير من الحالات النفسية والعقلية. فمثلاً مرض الاكتئاب، وهو الآن مرض العصر، تبلغ نسبة الإصابة به حوالى ٧% عالمياً، حيث يشعر المريض باليأس، والميل للانعزال.




فالصوم فى هذه الحالات يمنح الأمل، والرجاء فى ثواب الله سبحانه، فيخرج من دائرة اليأس، إضافة إلى أن مشاركته مع الآخرين فى الزيارات والعيادات، سوف تضمن خروجه من هذه العزلة التى أحاط بها نفسه، فيشعر بالتفاؤل والأمل، بدلاً من الاكتئاب. حالة أخرى نراها منتشرة فى المجتمع هى القلق والتوتر، ومن أهم أسبابهما الانشغال بهموم الحياة، وتوقع حدوث شىء سيئ، مثل الخوف على الأولاد، أو فقدان المال والصحة، وهنا نلاحظ أن الصوم بما يعطيه من الاطمئنان والراحة النفسية يساعد المريض على التخلص من القلق والتوتر.



هناك بعض الأمراض لا يستحب معها الصيام، مثل الفصام الذهانى، لأن قلة استعمال الأدوية، أو تناولها على فترات متباعدة، قد يساهم فى حدوث الهلوسة، والحالة العدوانية، والاعتداء على الآخرين. وهناك أخيراً الاضطراب الوجدانى ثنائى القطب، وهو مرض يتميز بتعرض المريض بين نوبات من الاكتئاب، ونوبات من النشاط الزائد، فنجد المريض قليل النوم، كثير الكلام، كثير الحركة، صاحب مشاريع وأفكار كثيرة، ولكن لا ينفذها، سهل الاستثارة والتوتر، وهو مرض يتميز بسرعة شفاء المريض مع العلاج، ولكنه يتعرض إلى انتكاسات كثيرة، ويعود المرض كل فترة، مما يجعل المريض فى حاجة مستمرة إلى العلاج، خصوصاً مثبتات المزاج التى نستعملها للوقاية، ومنع الانتكاسات، ولحسن الحظ فمنها الكثير طويل المفعول، الذى يمكن تناوله كل ١٢ أو ٢٤ ساعة، ولهذا يمكن لهذا المريض أن يصوم، ويلتزم بالواجبات الدينية، ومحاولة إدماجه فى الأسرة والمجتمع، مع استمرار المتابعة الطبية، والالتزام بالبرنامج العلاجى الذى يرسمه له طبيبه المعالج.



* رئيس قسم الأمراض النفسية – كلية الطب جامعة القاهرة



الفارابى والمدينة الفاضلة اعداد : محسن هاشم عبدالله

هناك عدد من الفلاسفة المسلمين الذين اهتموا بالنظم السياسية وأبدعوا فيها فكراً جاداً أصيلاً من هؤلاء أبى نصر الفاربى (٨٧٠-٩٥٠م) المعلم الثانى كما لقبه العرب، فإذا كان أرسطو هو المعلم الأول فالفارابى هو المعلم الثانى، وهو يدل بلا شك على مكانته العالية فى الفكر الفلسفى الإسلام. وهو ثانى الفلاسفة العلماء فى الحضارة الإسلامية بعد الكندى. كان الفارابى فيلسوفا وباحثا نظرياً موسوعياً فى العلوم، كان عالماً نظرياً فى علوم الحياة والموسيقى والفيزياء والكيمياء والرياضة والطب والفلك، وقد ألف الفارابى العديد من الكتب والرسائل خلال حياته وأسفاره، فقد ذكر مؤرخو العلوم أنه ألف أكثر من مائتى مؤلف ألف فى المنطق خمسا وعشرين رسالة، وكتب أحد عشر شرحا على منطق أرسطو، وسبعة شروح أخرى على سائر مؤلفات أرسطو ووضع أربعة مداخل لفلسفة أرسطو، وخمسة مداخل للفلسفة عامة، وعشر رسائل دفاعا عن أرسطو وأفلاطون وبطليموس وإقليدس. و١٥ كتابا فى ما وراء الطبيعة، و٧ كتب فى الموسيقى وفن الشعر، وستة كتب فى الأخلاق والسياسة، وثلاثة كتب فى علم النفس. كما وضع تصنيفا للعلوم فى كتابه «إحصاء العلوم وترتيبها والتعريف بأغراضها». وبذلك فهو أول من وضع نواة أو منهج لدائرة معارف إنسانية وعلومها فى عصره، ومعظم كتب الفارابى ورسائله وشروحه مفقودة، وبعضها لا يوجد إلا فى ترجمات عبرية.




ويرى الفارابى أن أفراد المدينة الفاضلة لا تتحقق سعادتهم ولا تصبح مدينتهم فاضلة إلا إذا ساروا على نفس نهج رئيسهم، بل إن الرئيس لا يعد مؤديا رسالته كاملة إلا إذا وصل بهم إلى هذا المستوى الرفيع «وكذلك ينبغى أن تكون المدينة الفاضلة فإن أجزاءها كلها ينبغى أن تحتذى بأفعالها مقصد رئيسها الأول» ومن أبدع ما كتب فى هذا المجال كتابة آراء أهل المدينة الفاضلة، وهو واحد من أهم الكتب التى كان همها الأساسى البحث للإنسان عن محيط فاضل مثالى يعيش فيه حياته.



قسم الفارابى كتابه إلى قسمين قسم فلسفى يتحدث فيه عن الله وصفاته وهو تمهيد للقسم الثانى وهو سياسى اجتماعى يتحدث فيه عن المدينة الفاضلة، فهو يقر أن الإنسان لا يستطيع أن يبلغ أفضل كمالاته إلا فى المجتمع، والمدينة الفاضلة شبيهة بالجسم الكامل التام الذى تتعاون أجزاؤه لتحقيق الحياة والمحافظة عليها، وكما أن القلب هو الرئيسى لأعضاء الجسم كذلك يجب أن يكون رئيس المدينة أتم أعضائها فهو إنسان كامل تحققت فيه الإنسانية على أكملها ويجب أن يتوفر فيه عدد من الشروط التى يجب أن تتوافر فيه وهى أن يكون تام الأعضاء، خير الفهم، جيد الحفظ لما يفهمه ولما يراه ويسمعه، جيد الفطنة ذكياً، وأن يكون حسن العبارة فصيحاً محباً للتعليم والاستفادة، وأن يكون غير شره على الطعام والشراب والنساء، وعليه أن يكون محباً للصدق وأهله، كبير النفس محباً للكرامة وأن تكون أعراض الدنيا هينة فى نظره، وعليه أن يكون محباً للعدل وأهله ومقرباً لهم وأن يكون قوى العزيمة على الشىء الذى يرى أنه ينبغى أن يفعله، وإذا لم تتوافر هذه الصفات فى رجل واحد فيرى الفارابى أنه إن وجد اثنان بهما هذه الصفات فعليهما تولى رئاسة المدينة مشتركين.



ويعرف الفارابى المدينة الفاضلة: بأنهاالمدينة القائمة على التعاون على الأشياء التى تنال بها السعادة وهى تشبه الجسم الصحيح الذى يتعاون كل أعضائه على تتميم الحياة وحفظها، وسكان المدينة الفاضلة لهم صفات مشتركة وكل فرد منهم له معارف وأعمال تختلف عن غيره.



ويذكر مضاداتها من المدن الأخرى التى قسمها فى أربعة أقسام كبيرة هى: المدينة الجاهلة وهى التى لم يعرف أهلها السعادة الحقيقية واعتقدوا أن غاية السعادة فى اتباع الشهوات والتمتع بالملذات، وهناك المدينة الفاسقة وهى التى يعلم أهلها كل ما يعلمه أهل المدينة الفاضلة ولكن أفعالهم مثل أفعال أهل المدينة الجاهلة، وهناك المدينة المتبدلة وهى التى كانت آراءها فى القديم آراء أهل المدينة الفاضلة ولكنها تبدلت وأصبحت آراء فاسدة، وهناك المدينة الضالة وهى التى يعتقد أهلها آراء فاسدة فى الله والعقل الفعال، ويكون رئيسها ممن أوهم أنه يوحى له وهو ليس كذلك، ويرى الفارابى أن كل نفس من أهل المدينة الفاضلة علمت الحقيقة والعقل الفعال تكون قد اكتسبت الخلود وخلدت فى السعادة، وأنفس أهل المدينة الجاهلة مصيرها الزوال والعدم وأنفس أهل المدن الفاسقة تخلد فى الشقاء، أما أنفس أهل المدن الضالة فمصيرها الزوال. يتحدث الفارابى فى نهاية كتابه عن رأى أهل المدينة الجاهلة فى العدل فهو قائم عندهم على قهر القوى للضعيف والقضاء عليه واستعباده، وإذا طبق العدل عندهم فى البيع والشراء ورد الودائع فإن مرد ذلك يكون الخوف لا حب العدالة، ولكن الفارابى يؤكد العدل بمعناه الحقيقى الذى تقوم على أساسه الحياة الصحيحة فى المدن الفاضلة وهو نفس ما طالب به مفكرو الفقه السياسى الإسلامى.



ومن الطريف فى الكتاب أن الفارابى يحذر الناس ممن يحث القوم على تعظيم الله، وعلى الصلاة والعبادة وترك خيرات الدنيا بحجة الحصول على خيرات الآخرة، ويرى أن كل ذلك أبواب من الحيل والمكيدة للانفراد بالحصول على خيرات الآخرين. ورغم أهمية الكتاب ومكانته فى الفكر الإسلامى وفى الفكر العالمى كله، فقد نال القسم الأول من الكتاب الخاص بالله وصفاته هجوماً شرساً من عدد كبير من الفقهاء مثل الإمام الغزالى الذى رد على الكتاب فى كتابه «تهافت الفلاسفة» متهماً الفارابى بأنه صاحب بدعة بل كفره فى معظم مسائل القسم الأول مما غطى على أهمية القسم الثانى من الكتاب الذى لم يأخذ حقه من النقاش بشكل كاف.



الشعرانى ولى المؤرخين اعداد : محسن هاشم عبدالله




ضريح الشعرانى

هو العالم الزاهد الفقيه الشافعى الصوفى، عبدالوهاب بن أحمد الشعرانى، ولد رضى الله عنه، بقرية قلقشندة، فى القليوبية، فى ٢٧ رمضان ٨٩٨هـ، ثم انتقلت أسرته، بعد ولادته إلى «ساقية أبى شعره»، من قرى المنوفية، وإليها نُسب، وعرف بالشعرانى، أو الشعراوى، ومن ألقابه «ولى المؤرخين»، و«مؤرخ الأولياء والصالحين».



وينتهى نسبه إلى أصول تجمع بين الملك والتصوف، ينقل عنه الدكتور سعد طه فى كتابه «رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه»: أحمد الله تعالى أن جعلنى من أبناء الملوك، فبحمد الله جدى السادس السلطان أحمد بن السلطان سعيد، وينتهى نسبه إلى الذورة العليا سيدى محمد بن الحنفية بن الإمام على بن أبى طالب كرم الله وجهه ورضى الله عنهم أجمعين. وجده السادس هو السلطان أحمد، من قبيلة بن زغلة، التى كان لها حكم تلمسان بالجزائر.



يروى الشعرانى ما توارثه عن الجدود، عن سبب قدومهم لمصر: جدى السلطان موسى أبوالعمران حضر إلى مصر، بإشارة صوفية من الإمام أبى مدين المغربى، ليتولى تربية المريدين والسالكين، مفضلاً طريق الله تعالى عن نعيم الملك، واستقر فى بلدة هور، إحدى قرى الصعيد الكبرى بمحافظة قنا.



أسس الشيخ، فى القرية زاوية، أصبحت إحدى مدارس التصوف العليا فى مصر. وبعدها، هاجر عميد الأسرة إلى قرية قلقشندة، ومن بعدها إلى ساقية أبى شعره، وفيها أسس زاوية للعلم والعبادة، وانتقل إلى جوار ربه وحمل اللواء من بعده حفيده أحمد، والد سيدى عبدالوهاب الشعرانى.



غير أن الشيخ أحمد سرعان ما رحل، ولحقت به زوجته بعد أن أنجبت «عبد الوهاب»، لينشأ يتيم الأبوين، ولكن مع ذلك ظهرت عليه علامات النباهة فحفظ القرآن وهو ابن ثمانى سنين، وواظب على الصلوات الخمس فى أوقاتها فقد كان يتلو القرآن كله فى ركعة واحدة، كما عرف عنه.



انتقل إلى القاهرة عام ٩١١ هـ، وعمره ١٣ سنة، وأقام فى جامع أبى العباس الغمرى، وحفظ فى هذه السن الصغيرة عدة متون منها كتاب «المنهج النووى والتوضيح لابن هشام»، «تلخيص المفتاح»، «جمع الجوامع».



ولبث فى مسجد الغمرى يُعلم ويتعلم ١٧ عاماً، ثم انتقل إلى مدرسة أم خوند، وفيها بزغ نجمه، بعد أن سلك طريق التصوف، مجاهداً نفسه، بعد تمكنه فى العلوم العربية والشرعية.



وأفاض الشعرانى فى ذكر شيوخه، فى كتبه، وأشهرها «الطبقات الكبرى»، فذكر منهم أمين الدين الأمام، وشمس الدين الدواخلى، نور الدين المحلى.



عاش «الشعرانى» ٧٥ عاماً، وخلف ٣٠٠ كتاب، فى موضوعات شتى، منها «الطبقات الصغرى»، «الفتح المبين فى جملة من أسرار الدين»، «الأنوار القدسية فى معرفة قواعد الصوفية».



وتوفى فى القاهرة، جمادى الأولى ٩٧٣هـ، ودفن بجانب زاويته فى منطقة بين السورين، وقام بالزاوية بعده ولده الشيخ عبدالرحمن، قبل أن يلحق به سنة ١٠١١هـ.





الشيخ احمد حسن الباقورى اعداد: محسن هاشم عبدالله

فى حوار نادر أجراه الصحفى القدير الراحل، محمود عوض، مع الشيخ أحمد حسن الباقورى، سأله محمود عوض: كيف ترى حياتك منذ أصبحت أحد رجال الدين فى مصر؟ فقاطعه الباقورى: لست رجل دين، فأنا لم أتخصص فى الدين ولكن فى اللغة العربية وآدابها.




فسأله عوض :ولكنك تخرجت من الأزهر.



الباقورى: نعم والناس ينظرون إلى رجال الأزهر على أنهم رجال دين، وهذا خطأ يجب تصحيحه، لأنهم يرون رجل الدين واسطة بين الناس وربهم، فى حين أن كل مسلم مسؤول عن الإسلام ولا واسطة بينه وبين ربه.



عوض: أنا لا أقصد واسطة، بل أقصد الرجل الذى تقتصر معلوماته وثقافته ودوره على الدين



الباقورى: حتى فى هذه الحدود لا يوجد رجل دين، وكل الذى يمتاز به الدارس فى الأزهر هو حصوله على دراسات نوعية وفنية، تؤهله لاستخراج أحكام من القرآن والسنة، يا أخى الدين يسر لا عسر، ودعنى أقل لك إن الشرق الإسلامى حين اتصل بالغرب المسيحى، أخذنا نحن المسلمين عنه كلمة (رجل دين)، وهذا مفهوم خاطئ.



هذا هو الشيخ أحمد حسن الباقورى، الذى يرى فى الأفغانى ومدرسته إحدى أبرز المحطات فى التاريخ الإسلامى المعاصر، فهو تلميذ تلميذ الأفغانى، الإمام محمد عبده.



نقف على آراء أخرى فارقة له، تؤكد وسطية الإسلام ويسره، عبر الحوار المطول الذى ضمنه عوض كتابه «شخصيات».



تحدث الباقورى كأنسان ذى خبرة لا كرجل شيخ، وجال مع محاوره فى اتجاهات حياتية متنوعة، قال الشيخ: الحب بعد الزواج أقوى وأبقى كثيرا من الحب قبل الزواج، والحب قبل الزواج شهوة وليس حبا، وعلى قدر ما يكون الحب شهوة يكون بقاؤه شهوة.



الباقورى تحدث عن عشقه غناء أم كلثوم وعبد الوهاب، ويسترجع مقولة على بن أبى طالب «الناس أشبه بزمانهم، منهم بآبائهم وأمهاتهم»، حين يتحدث عن الزمان الذى عاشه كان يهزمه أحيانا فى تربية بناته، لكنهن متمسكات دائما بأهداب الدين، حتى إن إحداهن تدخن، وجميعهن يحافظن على الصيام، وسائر الفروض وإن قصرت إحداهن أحيانا فى الصلاة.



هذا هو الشيخ الباقورى، الذى حذرته قيادات الإخوان من المشاركة فى وزارة ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢برئاسة اللواء محمد نجيب. والذى اعتقلته حكومة الوفد، ١٨ فبراير ١٩٤٣، لأنه حرض طلبة الأزهر على الإضراب والتظاهر للمطالبة بحقوقهم، تحت حجة تهنئة الملك فاروق بعيد ميلاده، مما أثار حفيظة الوفد عليه.



فى قرية باقور، أبوتيج بأسيوط، ولد أحمد حسن الباقورى أحمد عبدالقادر بدوى فى ٢٦ مايو ١٩٠٧، لأسرة معروفة بالعمل وكان جيرانها من الأقباط، يتذكر الشيخ: كان أبناء البيتين يلعبون فى فناء واحد. ظل الباقورى رمزاً للسماحة والوسطية والعلم حتى فاضت روحه إلى بارئها، فى ٢٧ أغسطس ١٩٨٥.









حكايات مع الرسول صلى الله عليه وسلم

لم يكن «الصادق الأمين»، صلى الله عليه وسلم، يكره فى حياته خصلة من الخصال مثل الكذب، فحتى على سبيل المزاح لم يقل النبى صلى الله عليه وسلم، كلمة كاذبة أو غير حقيقية على الإطلاق.




ويقول علماء السيرة: «كان النبى، صلى الله عليه وسلم، يمزح ولا يقول إلا حقاً»، ورغم حبه للبشاشة فإن هذا اللطف لم يجره قط إلى الكذب، فهو الذى لقبه كفار قريش قبل البعثة بـ«الصادق الأمين»، وارتضوا حكمه فى إعادة بناء الكعبة، وحتى حين حاربوه قالوا: «ما جربنا عليه كذباً».



وروى الترمذى عن أبى هريرة، رضى الله عنه، أنهم (أى الصحابة) قالوا: يا رسول الله، إنك تداعبنا، فرد عليهم قائلاً: «إنى لا أقول إلا حقا».



وجاء فى سنن البيهقى وغيرها أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زاهر بن حزام، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يحبه، وكان دميم الوجه، فأتاه النبى، صلى الله عليه وسلم، يوما وهو يبيع متاعه فى السوق فاحتضنه من خلفه وهو لا يبصره، ففزع زاهر بن حزام: أرسلنى «أى اتركنى».. من هذا؟ فلما عرف أنه يتحدث إلى قائد الدولة، الرسول صلى الله عليه وسلم، جعل لا يألو يلصق ظهره بصدر النبى، صلى الله عليه وسلم، حين عرفه، فسار رسول الله معه يضحك ويقول فى السوق: «من يشترى العبد»؟، فقال الصحابى باسما وهو يدرك دمامة وجهه «يا رسول الله إذن والله تجدنى كاسداً»، أى لا شارى له، فردّ النبى وقد تبسم: «لكنك عند الله لست بكاسد».



وكان النبى، صلى الله عليه وسلم، فى غزوة، فإذا برجل من أعراب البادية يقابله، ويسأله: «من أين الرجل؟»، يقصد من أى قبيلة، فقال النبى: «إنما نحن من ماء»، وترك الرجل وانصرف، فيما كان الأعرابى يفكر متمتماً: «من ماء.. من ماء» باحثاً فى أسماء قبائل العرب، وكان النبى يقصد أن كل البشر من «ماء مهين» كما جاء فى كتاب «المستطرف».





سهرة فكاهية فى مجلس الغورى


خصصت السهرة الأولى للألغاز التي طرحت.. والشيخ عبد الرازق، هو الذي أم المصلين الليلة في صلاة العشاء، يبدأ المجلس بطرحه لغزاً صيغ شعراً.. قال الشيخ عبد الرازق:

ألا فاخبروني أي شيء رأيتمو من الطير في أرقى الأعاجم والعرب

فيؤكل مطبوخاً لذيذاً وتارة فيؤكل مشوياً إذا اشتد في اللهب

وليس له أيد، وليس له فم وليس له رجل وليس ذنب

وليس له مخ وليس دم وليس له عظم وليس له زغب



وهنا قال السلطان الغوري: هو البيض 1. قال أحد الشيوخ الحاضرين: هناك حكاية مناسبة لهذا اللغز، إذا اجتمع جماعة من الشعراء في خدمة سيف الدولة وقصدوا إيذاء المتنبي، فقالوا: إننا نبيض في هذا المجلس، وكان مع كل واحد منهم بيضة مخفية، فلما جاء دور المتنبي صاح صيحة الديك، فقال السلطان: ما هذا؟ قال: لا بد لهذه الدجاجات من ديك. وهنا طرح اللغز الآتي:



وميت يقبر طعمه عند رأسه إذا ذاق من ذاك الطعم تكلما

يقوم ويمشي ناطقاً بفصاحة ويأوي على القبر الذي كان قيما



وأطرق السلطان لحظة ثم قال: هو القلم. ثم تتابعت الألغاز:

خليلان ممنوعان من كل لذة يبيتان طول الدهر مجتمعان

إذا أمسيا كانا على الناس حارسا وعند طلوع الفجر يفترقان؟؟



قال السلطان: هو الباب .. واللغز الرابع:

وذي سفر لا يحب المقام ولا يسأم السير في كل حال

يبيد الليالي في مره وتضنيه في مرهن الليالي



قال: هو القمر. واللغز الخامس:

وآكلة بغير فم وبطن لها الأشجار والحيوان قوت

إذا أطعمتها نعشت وعاشت وإن أسقيتها ماء تموت



قال: هي النار. وهنا قال أحد مشايخ الحاضرين حكاية تناسب المقام: قيل لكسرى أنو شروان، إن في عسكر سلطان السودان والحبش أربعمائة ألف رجل فقال أنو شروان لهم: لا تخافوا لأن النار القليلة تفني الحطب الكثير، وقيل أيضاً للإسكندر: إن في عسكر دارا ملك الفرس ثلاثمائة ألف رجل، فقال الإسكندر الأكبر: بكثرة الغنم لا تخوفوا القصاب. وهنا أصغى السلطان ليستمع على اللغز السادس:



أتى بلغز ثلاثي يعجزني وظن ذلك بحراً لست أسلكه

وقال فسره شمس الدين قلت لا مولاي لغزك ليس الشمس تدركه





قال: هو القمر. وهنا دخل الشيخ ابن النحاس، بعد أن حيا السلطان وجلس، قال: "كنت في خدمة قاضي كاتب السر، فقال لي: تعال إلى تفرج على كسر النيل، وأنا ما رضيت، لأن مولانا السلطان هو البحر الكبير، وبحر النيل في هذه الليلة وهذا البحر، بحر مولانا السلطان لا نرى منه إلا جبر الخواطر". وهنأ الحضور بعضهم فالليلة تم كسر السد المقام عند فم الخليج، لقد أوفى النيل، ثم ألقي اللغز السابع:



ما اسم شيء حسن شكله تلقه عند الناس مخزونا

نراه معدوداً فإن زدته واواً ونوناً صار موزونا





قال هو الموز. واللغز الثامن:



لي جمع أصحاب أعشقهم وأهواهم

ولا أشتهي قط أنظرهم ولا أدراهم

ما طاب لي عيش في الدنيا برؤياهم



قال السلطان: هم الأسنان 1.

حكاية مملوك اسمه قنصوة الغورى


' الغوري' حكاية مملوك دافع عن مصر فهزم في سوريا





لم يكن ذلك المملوك الصغير في بلاط السلطان قايتباي، يتوقع في يوم من الأيام أن يتولى فيه حكم سلطنة مصر رغم أنفه، ولم يكن يتخيل أن نهاية دولة المماليك ستكون على يديه. إنه السلطان “قانصوه الغوري” المشهود له بنهوضه بالمعمار المصري، الذي كتب له صفحة خالدة في مجال العمارة الإسلامية.

السلطان الأشرف أبو النصر قانصوه الغوري، تركي المولد والجنسية، وهو السلطان الـ24 من سلاطين المماليك الشراكسة، وكان يبلغ حوالي 60 عاما عندما تولى منصب السلطنة.

وقد كان الغوري مملوكاً للسلطان “قايتباي” الذي أعجب بذكائه وشجاعته، وعينه في جملة مماليكه “الجمدارية” (والجمدار هو من يتولى إلباس السلطان)، ثم أصبح “خاصكيا” وكان صاحب هذه الوظيفة من جملة حاشية السلطان، وكانوا يمتازون بحسن المظهر وأناقة الملبس ومُصرّح لهم بالدخول على السلطان دون إذن، وأصبح الغوري “كاشفا” للوجه القبلي، فأميرا للعشيرة، وبدأ نجمه يتصاعد وصار من الأمراء الذين بيدهم الحل والعقد، كما خرج في بعض الحملات العسكرية إلى حلب، وعيّن بعد ذلك نائبا للسلطان في طرسوس وحاجبا للحجاب في حلب ونقل إلى نيابة ملطية.

وفي عهد الناصر محمد بن قايتباي تدرج الغوري في المناصب العسكرية، حتى وصل إلى منصب “رأس نوبة” وكانت مهمة من يتولى هذه الوظيفة الحكم على المماليك، والضرب على أيديهم عندما يخرجون عن القانون.

وفي عهد السلطان “الأشرف جانبلاط” سافر إلى الشام صحبة الأمير طومان باي لمحاربة “قصروه” نائب الشام الذي أعلن العصيان، إلا أن طومان باي ومن معه من قادة الجيش ومعهم الأمير “قانصوه الغوري” اتفقوا على الغدر بالسلطان “الأشرف جانبلاط”، فأعلن طومان باي نفسه سلطانا على بلاد الشام، ولقب نفسه بالعادل، وزحف بمن معه إلى مصر فدافع “جانبلاط” عن نفسه، غير أن طومان وجنوده تمكنوا من القبض عليه وشنقه سنة 906هـ، وبذلك تم للسلطان العادل حكم مصر فأسند “الأتابكية” إلى الأمير “قصروه” كما أسند “الدودارية” الكبرى و”الإسنادارية” إلى الأمير “قانصوه الغوري”.

1499 اكتشف فاسكو دي غاما رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا، ليعوض بذلك طريق الحرير نحو الهند

وفي بداية شهر شوال 906هـ، اجتمع بعض أمراء المماليك لاختيار سلطان جديد، بدلا من العادل “طومان باي” الذي أخذ يسفك الدماء بعد توليه السلطنة، واستقر الرأي على اختيار الأمير “قانصوه الغوري”، إلا أنه رفض لأن حالة البلاد كانت غير مستقرة، كما أن الأمراء كانوا متذبذبين في مواقفهم، كما كانت خزانة الدولة خاوية واقتصادها كان طريقه إلى الانهيار، ورغم كل ذلك أصر الأمراء على سلطنة الغوري فقبل السلطنة، إلا أنه اشترط عليهم عدم قتل “طومان باي”، إذا أرادوا أن يخلعوه وعليهم أن يبلغوه بقرارهم وأن يوافقهم فيه.

ويقول أستاذ الآثار الإسلامية مختار الكسباني إنه وبعد جلوس “قانصوه الغوري” على عرش السلطنة عمل على توطيد أركان حكمه وإعادة النظام والأمن إلى القاهرة، فقام بوضع السلطة في يد أشخاص يثق فيهم ويطمئن لإخلاصهم، كما بدأ منذ اللحظة الأولى بملء خزانة الدولة الخاوية، وفرض الضرائب والإتاوات على جميع طبقات الشعب، وكانت نسبتها تبلغ ما يساوي دخل “سبعة أشهر أو عشرة”، كما قام بتخفيض قيمة العملة، مما أضر بالتجار ولكنه ملأ خزانة الدولة.

1877 أطلق العالم الجغرافي الألماني "فون ريختهوفن" لأول مرة اسم "طريق الحرير" على المسافة الفاصلة بين غرب آسيا والصين إلى حدود أوروبا

ويوضح الكسباني أن البلاد تعرضت أثناء حكم “قانصوه الغوري” لبعض الاضطرابات التي قام بها المماليك والبدو والتي واجهها بقوة، إلا أن الاضطرابات الخارجية كانت أقوى ومثلت تهديدا صريحا للبلاد، ومن أهم هذه المخاطر ظهور منافس لمصر هدد الطريق التجاري إلى الهند (والذي كان يدر لمصر دخلا كبيرا) وذلك بعد أن اكتشف “فاسكو دي جاما” طريق رأس الرجاء الصالح سنة 1497م، مما ترتب عليه اتخاذ البرتغاليين مدينة “كلكتا” قاعدة لهم سنة 1500م، وبذلك تحولت التجارة التي كانت تذهب لمصر عن طريق عدن وجده وسواكن إلى رأس الرجاء الصالح، ومنها إلى أوروبا، كما هاجم البرتغاليون سفن مصر التجارية، واستنجد ملك الهند وباقي أمراء جنوب شبه الجزيرة العربية بالغوري، الذي قام ببناء أسطول بحري ومواجهة البرتغاليين وهزيمتهم، وقتل قائد أسطولهم “لورنزو الألميدي”.

وفي العام التالي انتقم البرتغاليون لهزيمتهم من الأسطول المصري انتقاما مروعا، ففي عام 1513م استولى القائد البرتغالي “الفونسو البوكرك” على “عدن” مما ترتب عليه فقدان مصر لسيطرتها على التجارة الهندية، وكان ذلك بمثابة بداية لأفول نجم الدولة المملوكة.

لم يتوقف الخطر الذي يهدد دولة قانصوه في مصر على المعارك البحرية مع البرتغاليين فقط، بل كان للعثمانيين وبروزهم المتزايد في المنطقة نصيب كبير في فترة دلوة قانصوه، خاصة بعد تولي سليم الأول سلطنة الدولة العثمانية سنة 1512م بعد أبيه “بايزيد الثاني”.

وكان قد انضم إلى سليم الأول الكثير من البدو والسوريين، فدخل دمشق وتقدم إلى حلب، والتقى الجيشان في منطقة “مرج دابق” شمال حلب. إلا أن الجيش المصري هزم بسبب خيانة “خيربك” الذي تمكن سليم من ضمه إليه ومعه الجناح الأيسر للجيش المصري وإشاعة خبر وفاة “الغوري” مما أدى إلى فرار باقي الجيش من الميدان ولم يُعثر للغوري على أثر بعد المعركة.

1492 انتقل داء الطاعون إلى مصر ليودي بحياة آلاف الأشخاص ما زاد من مشاكل مصر ودمر قوة الدولة من الداخل

ويوضح عبدالرحيم ريحان، عضو المجلس الأعلى للآثار المصرية، أن معركة “مرج دابق” كانت معركة فاصلة بالنسبة إلى مصر، لأنها وضعت نهاية الحكم “قانصوه الغوري”، وقضت على سلطنته، كما قتل فيها عدد كبير من أمراء الدولة وجنودها، ومن ثمة كانت ضربة قاضية أتت على حكم المماليك لمصر.

ويؤكد الريحاني أنه ومن سوء حظ الغوري أن تجمعت في فترة حكمه مفاسد ومساوئ العصر المملوكي التي ترسبت على مدى عشرات السنين، فكانت أسباب الضعف والتدهور والانحلال، من إغراق في اللهو والترف وتدبير للفتن والمؤامرات ورغبة في تحقيق الأطماع غير المشروعة، مما ترتب عنه تفاقم الاشكالات الاقتصادية وعجز السلطان عن سداد متطلبات المماليك، مما أدى إلى تذمرهم وتهديدهم بالعصيان والفتنة وزادت وطأتهم على الناس وكثر نهبهم للأموال، وبالتالي عانى الناس الأمرين من الغوري وأمرائه، خاصة بعد أن ضاعف الرسوم الجمركية وتلاعب بالعملة حتى يستفيد من فروقها، الأمر الذي أضر بالمواطنين وبصفة خاصة التجار، فسقط حكمه سريعا.