الأحد، 29 مارس 2015

مستشفى الهلال .. سوق الجائلين ومص لدماء الفقراء وابتزاز

مستشفى الهلال.. سوق للجائلين ومص لدماء الفقراء وابتزاز لأهالي الموتى


الجمعة, مارس 27, 2015
محسن هاشم كتب: محسن هاشم 

مستشفى الهلال الأحمر أنشئ فى الثلاثينيات؛ ليكون مركزًا متقدمًا ومتخصصًا فى علاج العظام وغيرها. وجاء موقعه وسط القاهرة وبالقرب من أعرق ميادينها وأكبر محطة سكك حديدية تستقبل أعدادًا هائلة كل يوم. ولم يكن اختيار المكان أو التخصص اعتباطًا أو مصادفة، بل لأهمية دور المستشفى فى علاج الحوادث وغيرها.



إلا أن حال المستشفى مؤخرًا صار كما يقول المثل “لا يسر عدو ولا حبيب”، فأصبح مصدرًا للخطر بدلاً من العلاج، ومدعاة للتندر بدلاً من الفخر، وأصبحت مفاصله “سايبة”، بعد أن كان يعالج المفاصل.



المصادفة وحدها قادتنا إلى هذا التغير الأعجب من الخيال، إذ كان المطلوب هو رسم قلب لحالة مرضية، وأثناء الرسم، كانت المفاجأة، حيث توقف الجهاز، وجاءت التعليمات العجيبة بعدم استخدام الجهاز بعد توقفه، رغم أن الساعة كانت نحو الواحدة ظهرًا. وعندما سألنا جاءت الإجابة أنه لكى يعمل يحتاج إلى وقت، وكان لا بد من “واسطة”؛ حتى يتم عمل رسم القلب. ولولا أن رأفت بحالنا طبيبة تتميز بطيبة القلب، لما أمكن عمل رسم القلب.



وكان طبيعيًّا أن نسأل عما يجرى من فوضى، رغم أن مدير المستشفى الشاب وهو الدكتور محمود الشناوى مشهود له بالكفاءة، وإن كان الواقع هو تراجع المستشفى بعد عهد المدير العظيم الدكتور محمد رمزى، ومن الواضح أن الدكتور مهدي محمد مهدي عندما تولى إدارة المستشفى كان مثل أهل مكة أدرى بشعابها، فوضع لافتات ولوحات بكل أرجاء المستشفى، يحذر فيها الجمهور من دفع رشاوى أو إتاوات للموظفين. وعندما تولى الدكتور طارق الغزالى حرب إدارة المستشفى، رفع وأزال اللافتات على الفور؛ بحجة أنها تسىء للعاملين بالمستشفى، وواضح أنه هرب من الواقع والذى ورثه الدكتور الشناوى. ولكن ماذا يفعل مع ثورة مفترض أنها قامت لتهز الأعماق للنهوض بالوطن؟!



مظاهر الفساد بالمستشفى لا تنتهى، والأمثلة لا تكفيها التفاصيل التى تتوازى مع الكم الهائل من المترددين على المستشفى بحكم موقعها وسمعتها المفترضة أو التى كانت. ومن مظاهر الفساد بالمستشفى، “على سبيل المثال لا الحصر”:



المريض الفقير يعاني الأمرَّين للحصول على قرار العلاج على نفقة الدولة، إذ إن مندوب المستشفى يذهب حسب بوصلة المزاج، فيضطر المريض إلى الذهاب بنفسه أو قريب من الدرجة الأولى، وهو شرط من شروط المجالس الطبية المتغطرسة – المتخصصة – فى تعذيب البشر، وقد لا يجد المريض قريبًا معافى صحيًّا وماديًّا، فيضطر للذهاب بنفسه فى منظر لا إنسانى؛ ليتعامل مع بقايا من المصابين بالسادية، وهو مرض “لذة التعذيب”، فيذهب مرات ومرات، حتى يحصل على القرار فى وقت لا تتوقف فيه صرخات الألم، فإذا به يطالب بعمل أشعة وتحاليل ترهقه حتى يستدين، ثم يطالب بتكملة الفارق بين قيمة القرار وقيمة تكلفة العملية، حيث يخضع تقدير قيمة القرار لمناقصات وزارة الصحة والمجالس الطبية، بينما يرى المستشفى أن “الشريحة” التى يتم تقدير قيمتها فى المناقصات غير مناسبة على الإطلاق، وتتكرراستدانة المريض.



وحتى مريض التأمين الصحى رغم أنه يسدد نسبة من راتبه إضافة إلى النسبة التى تسددها جهة عمله، فإنه لا ينجو من التعذيب، فرغم وجود إدارة طبية بالمستشفى مفترض أنها متخصصة ومن واجبها التحصيل، إلا أن البعض يجد متعته في تعذيب المريض “كعب داير”.



كما يتفنن المستشفى في التعذيب المالى، حيث يبحث الطبيب عن مخرج لزيادة التكلفة، فبدلاً من أن يقرر أن العملية “متوسطة” وهو التوصيف الطبيعى لها، يذكر عبارة “ذو مهارة”، وبالطبع المهارة والشطارة بتكاليف أعلى، وكله على حساب المريض المطحون، ثم يفاجأ المريض بعد هذا كله بتأجيل الجراحة لعدة شهور؛ ليتم وضع اسمه على قوائم الانتظار!



ورغم أن الطبيب هو أول من يعلم أن هناك خطورة فى الانتظار قد تأتى فى تسوس العظام، أو فى حالات التيبس بحكم طول الوقت، حيث لا يصلح بعدها العلاج، إضافة إلى ما يعانيه المريض من شدة الألم كلما مر الوقت عليه، كما أن أسرته تعانى مزيدًا من الفقر؛ بسبب بطالة المصاب وعدم قدرته على العمل، إذ إن معظم هؤلاء المرضى من الفقراء، رغم علم الطبيب بكل هذا، إلا أنه لا يفكر إلا في تحصيل أكبر مبلغ م المريض “الغنيمة”.



وحتى إذا قدر للمريض بعد هذا كله إجراء الجراحة، يفاجأ داخل المستشفى ما هو أقرب لوكالة البلح والباعة الجائلين، بما يسمى بيع الأجهزة التعويضية. ولأن هذه الأجهزة لا علاقة لها بالمستشفى، فقد تحولت إلى “سبوبة” بمنح حافز أو عمولة لكل من يحصل على زبون، “جبيرة ماشى.. رقبه ماشى.. حزام طبى ماشى”. وعليه تحولت السكرتارية والممرضات وغيرهن إلى “تجار بالة”!



أما إذا – لا قدر الله – توفي المريض نتيجة الحادث، تجد من يطلب من أهل المتوفى مبلغًا كبيرًا، متظاهرًا أنه شهم وأنهى الإجراءات على مسئوليته وضمانته، وإن لم يسدد أهل المتوفى، سيتحمل هو المبلغ، وعليه ينهب قدر ما يستطيع، ولا مانع من إيصالات مضروبة!



أما إذا ذهبت إلى الحسابات، فستجد من لا يفهمك؛ لأن الموظف كان “تومرجى” أو “فراش”، وحصل على مؤهل من التعليم المفتوح، وطلب تغيير وظيفته لمحاسب، وعليه تصبح الممرضة مديرة حسابات.



وإذا ذهب الشاكى للمراجعة، فسيجد كشكًا داخل المكتب.. “بسكويت.. سجائر.. حاجة ساقعة قوى”.



فإذا ذهب للشكوى فى أى إدارة، فسيجد الموظفات بأطفالهن فيما هو أقرب للحضانة!



فإذا صعد بالشكوى إلى مستوى أعلى، سيفاجأ بمجموعة من الثوريين – حيث إن الألقاب ببلاش – عاكفين على جروب لهم على الـ “فيس بوك”، يهددون كل من يعارض مكاسب سعادتهم الثورية، ويتوجهون بـ “ربطة المعلم” للأمانة التابعة لوزارة الصحة، وهى بالأمانة “لا تهش ولا تنش” اكتفاءً بنسبة 4 % تحصلها من كل حالة من مستشفى الهلال.