السبت، 17 ديسمبر 2011

عبدالحليم والملك الحسن صداقة عمر

لملك الحسن يعمل مصورا لحليم

مذكرات عبد الحليم حافظ ..

حين وقعت علي المسرح فاقد الوعي.. أعد لي الملك طائرة تقلني للعلاج في الخارج

عبدالحليم مندمج في الغناء.. لكن الإرهاق الشديد واضح علي وجهه وعيناه غائرتان.. وجهه شاحب.. وعرق كبير

يتصبب فوق جبينه وهو مندمج في الغناء.. لقد نصحه الأطباء بأن يتجنب الإنفعال.. لكن كيف لاينفعل وهو يغني من

صميم القلب.. عواطفه جياشة.. أحاسيسه دائما طازجة.. الغناء شفاء لروحه العليلة..

وفجأة يسقط علي الأرض فاقدا وعيه

القلق علي الوجوه خاصة الملك الحسن الذي يأمر بنقله فورا إلي المستشفي الفرنسي في المغرب انخلعت

القلوب المغربية التي تحبه واهتزت وهي تسمع الخبر.. لقد جاء حليم كثيرا الي المغرب وغني في القصر المالكي..

وغني في الشوارع غني للملك وللناس، وارتدي مثلهم الجلباب االمغربي وأحب العادات والتقاليد المغربية انه ليس

فقط صديقا شخصيا للملك الحسن بل هو قريب من كل أبناء المغرب الذين أحبوا أغانيه المصرية وأيضا المغربية التي

أصبحت علي كل لسان. عبر بصوته عن حياتهم وآمالهم وأفراحهم في أكثر من مناسبة..

لكن الملك الحسن قلق جدا عليه.. انه يسأل باهتمام اطباء المستشفي الفرنسي في المغرب عن حالته وهل أفاق

من الغيبوبة وتوقف النزيف.

ويشعر الملك بالانزعاج الشديد وهو يسمع رأي الأطباء الفرنسيين (ان عبدالحليم لن يعيش طويلا بهذا الكبد.. أيامه

في الحياة أصبحت معدودة.. لقد حدثت مضاعفات خطيرة في الكبد هناك أمل وحيد وأخير قد يكتب له الحياة.

وسأل الملك بلهفة: ما هو؟

قال الاطباء: ان تجري له عملية زراعة كبد.

في ذلك الوقت لم تكن زراعة الكبد قد حققت نجاحا كبيرا.. يأمر الملك الحسن باعداد طائرة خاصة مجهزة بكل

وسائل العلاج الطبي لكي تنقل عبدالحليم فورا إلي باريس التي يمكن أن تجري فيها زراعة الكبد. موقف لاينسي

لملك المغرب.. فعبدالحليم بالنسبة له ليس مجرد مطرب بل هو اكثر من ذلك..

ويحكي حليم مذكراته مع الملك الحسن منذ أول لقاء بينهما منذ سنوات بعيدة:

عرفت الملك الحسن منذ كان وليا للعهد.. كان تعارفنا من بعيد.. كنت قد رأيته في الخارج لكن لم يحدث بيننا تعارف

كامل. وفي المرة الثانية رأيته في المغرب بعد أن أصبح ملكا.. جمعنا الحب الالهي ونشأت بيننا صداقة قوية.

وأذكر أنه قال لي ذات يوم 'يا عبدالحليم أنا أحب الموسيقي.. انني طوال النهار أعمل وأمارس شئوني كملك.. وفي

الليل أسمع الموسيقي. كان أبي الملك محمد الخامس رحمه الله قد لمس وأحس حبي المبكر للموسيقي

واندفاعي نحو سماعها وتعلمها. وفي أحدي المرات قال لي انني أربيك لكي تكون ملكا.. وأعلم أنني أقسو عليك..

أريد أن أعلمك

اشياء ليس مفروضا أن يتعلمها الشخص العادي.. انك تحب الموسيقي وأنا أعلم ذلك واني مستعد أن أوفر لك كل

ما يمت للموسيقي بصلة فإما أن تكون ملكا أو تكون موسيقيا.. ومعني ذلك أننا نقول أن هناك واحدا من العائلة

المالكة كان من المفروض أن يصبح ملكا فأصبح موسيقيا.

وشعرت ياحليم بمسئولية كبيرة جدا تجاه بلدي ووطني والناس الذين سأكون مسئولا عنهم.. وبدأت أعمل وأتعلم

لكي اكون ملكا لأقوم بمسئولياتي تجاه بلدي ووطني والناس الذين سأكون مسئولا عنهم. وتبقي هواية سماع

الموسيقي راحة لي وسط أعباء ومسئوليات العمل. انني لا اكتفي بسماع الموسيقي بل واؤلف أيضا الموسيقي

وأقود الفرقة الموسيقية'.

كان أول مرة أزور فيها المغرب عندما سافرت مع بعثة الفنانين المصريين وكنا قد أعددنا أغنية (أحنا الشعب) في ذلك

الوقت.. ووجدت الجمهور المغربي يطلب هذه الاغنية إلي جانب الأغاني العاطفية الأخري.. وسرت في شوارع

المغرب أردد هذه الأغنية.. ثم دعانا الملك إلي القصر حيث سمعنا الأغاني والموسيقي المغربية.. وبدأت أشعر أن

الملك يقدرني تقديرا خاصا.. نشأ بيننا نوع من الحب الالهي.. ويبدو ان البعض ضايقهم نمو هذا الحب الإلهي بيني

وبين الملك الحسن فسعوا للوقيعة بيننا لإفساد هذه الصداقة.

قالوا للملك ان عبدالحليم غني في الجزائر ضد المغرب.. صحيح انني غنيت في الجزائر لكن ليس صحيحا انني غنيت

ضد المغرب.. وللأسف نجحوا في خطتهم ووشايتهم وأكاذيبهم.. وكانت النتيجة منع نشر أخباري في الصحف

والمجلات المغربية.. ومنع اذاعة أي أغنية من أغنياتي من اذاعة المغرب. وقررت ان أشرح الحقيقة للملك.. كتبت

رسالة مطولة أشرح له فيها موقفي تتضمن 'سمعت انهم قالوا لجلالتك اني غنيت في الجزائر ضد المغرب وهذا غير

صحيح. كل ما حدث اني أعددت بعض الأغاني عن كفاح الجزائر ضد الاستعمار والاحتلال الفرنسي.. وهذا واجب

وطني.. بل أعلم أن جلالتكم ساهمتم في هذا الكفاح هل شعب الجزائر لايستحق المساندة؟ ان الكفاح الجزائري

يشرف العرب جميعا.. وغنائي للشعب الجزائري كان تعبيرا عن مشاعري كإنسان وفنان.

وانتظر وطال انتظاري دون ان اتلقي اية رسالة من الملك الحسن.. ولكني سمعت صوتي بعد ذلك يتردد من جديد

من اذاعة المغرب.. وبدأت صوري وأخباري تعود مرة أخري إلي صفحات الجرائد والمجلات المغربية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق