الجمعة، 16 يناير 2015

العالم السرى لزواج القاصرات اعداد : محسن هاشم عبدالله




العشرات من الفتيات اللائى لم يتجاوز أعمارهن الخامسة عشر، يقفن فى طابور واحد فى مشهد قريب الملامح من مشاهد سوق الرقيق قبل الإسلام، ليتم عرضهن على الأثرياء العرب للزواج منهن بموجب ورقة عرفى لدى محامى، أو بعد تزوير شهادة الميلاد الخاصة بها لإبرام عقد رسمى لدى مأذون.



ويتكرر هذا المشهد فى العديد من القرى المصرية، خاصة بجنوب الجيزة الأكثر رواجاً لهذا الزواج بحثاً عن المال، وللأسف يهرب الثرى العربى بعد قضائه متعته مع الفتاة القاصر لمدة 3 أيام أو أكثر، وتكون الكارثة بحمل الفتاة حيث لا تحمل مستندات تؤكد زواجها بصفة رسمية، فتضع طفلها وربما تكتبه باسم والدها، الذى يصبح جده ووالده فى نفس الوقت، ووسط استنكار جميعات حقوق الإنسان والطفل والمرأة هذا التصرف الغاشم ورفض علماء الدين والاجتماع له، إلا أن معدلاته بدأت تقفز بصورة مخيفة فى الآونة الأخيرة، وسجلت أرقاما مفزعة فى محاضر الشرطة مؤخرا، والتى احتوت على أبشع الجرائم التى يخلفها زواج القاصر، والتى رصدت "اليوم السابع" بعضها.





أسرة تبيع ابنتها القاصر لثرى عربى 3 ليالى بـ 15 ألف جنيه



"أرزاق.م"، ذات الثلاثين عامًا قالت "أسرتى كانت تعانى من أزمات مالية، واكتشفت أن أحد المحامين يتردد على منزلنا فى البدرشين يتفاوض معهم على شقيقتى "نورا"، التى لم يتخط عمرها السادسة عشر، واكتشفت فجأة أن الأسرة وافقت على زواجها من شيخ عربى مسن لمدة 3 أيام مقابل 15 ألف جنيه، وأن أهلى تكالبوا على "الفلوس" ورموا البنت فى حضن راجل زى جدها فى العمر.



"أنا ما شوفتش العريس اللى تقدم لأختى، الكلام لأرزاق، بس الجيران قالوا إن ظهره محنى وشكله مخيف والتجاعيد تملأ وجهه وتحس إن عنده ألف سنة، بس قالوا لى كمان إنه كان راكب عربية تجيب يجى مليون جنيه، وإن العريس وعدهم إنه لو عجبته "نورا" أختى ممكن يمد المدة ويعيطهم أموالا أكثر، وكانوا طايرين من الفرحة.



وأضافت أرزاق: اشترى العريس "هدوم كتير" للعروسة ولأهلى أيضا، وأكد لهم أنه اشترى لها شقة فى المريوطية "إحنا ما شوفنهاش" وأتى إلى منزلنا واصطحب العروسة معه وذهب بها إلى المريوطية، واتصلت فى اليوم التالى شقيقتى "نورا" بأهلى وأكدت لهم أن العريس يعاملها بوحشية وأنه يتعاطى أقراصا جنسية بكثرة ويصر أن تبقى أمامه عارية طوال الوقت، وأنها تفكر فى مغادرة المكان بعد أول ليلة، لكنهم عنفوها وأكدوا لها أنهم لن يستقبلوها فى المنزل إذا عادت قبل انتهاء الثلاثة أيام وقالوا لها "ماتحرجناش مع الراجل اللى مغرقنا فى خيره".



وأشارت أرزاق قائلة: عرفنا بعد انتهاء الثلاثة أيام أن "نورا" هربت من الشقة وأن الثرى العربى كمان رجع لبلده، وبدأنا رحلة البحث عنها فى كل مكان لدى أقاربنا وجيراننا وأصدقائنا دون فائدة، وفقدنا الأمل فيها خاصة أن أختى "مشيها بطال وتعرف رجالة الدنيا كلها فقلنا أكيد شافت حالها".



وتابعت:"زاد أحزانى مرة أخرى بعد غياب شقيقتى حيث طلقنى زوجى، وأكد لى أنه تزوج من سيدة أخرى، وذهبت إلى الغرفة التى كان يقيم بها بمفرده على مدخل البلد، وكانت الكارثة عندما اكتشفت وجود ملابس خاصة بشقيقتى داخل الغرفة، وبمواجهته ارتبك ولم يرد وتبين أنه تزوج من شقيقتى منذ 9 أشهر وحملت منه ووضعت طفلا، وأنه كان يجمع بيننا، ولم أتوقع أن "قذارة زوجى" تصل إلى هذا الحد، وأن شقيقتى التى كاد قلبى يتمزق حزنًا على مصيرها، تترك جميع رجال الدنيا ولا يعجبها سوى زوجى، فعندما كانت تأتى لزيارتنا فى المنزل قبل أن تتزوج من الثرى العربى كانت "بتهرج" بطريقة غريبة مع زوجى ويمسكها فى أماكن حساسة من جسدها، وساعات كنت "باشوفهم فى أوضاع مخلة" ولما كنت أواجهه كان يرتبك ويدعى بأنها "زى بنته"، ولم أدرى أن بينهما شيئا، وأنا الآن أصبحت مطلقة ومعايا 3 بنات خايفة أسيبهم عند أهلى يبيعوهم للأثرياء العرب زى ما باعوا أختى".



من جانبه قال الزوج "نادى.ح.ع"، 37 سنة عاطل، إنه بعد 3 أيام من زواج "نورا" بالثرى العربى اتصلت به هاتفيا، وأكدت أنها هربت من شقته لأنه كان "راجل مقرف" وبيعاشرها بوحشية، وطلبت منه مقابلتها عند مدخل القرية والتقى بـ"نورا" و لما وصلت إليها وجدتها فى حالة نفسية سيئة، وقالت إنها هربت من الثرى العربى، وتريد استئجار مكان نائى بالقرية، حتى تقيم به بعيدًا عن أسرتها خوفًا من محاولتهم تزويجها مرة أخرى من ثرى عربى جديد.





وأضاف:" أخذتها ورحت بيها إلى غرفة بعيدة أمتلكها وطلبت منها أن تجلس بداخلها حتى توفير مكان آخر لها، وعندما حاولت مغادرة المكان والعودة إلى منزلى رفضت بحجة أنها تخاف أن تنام بمفردها وطلبت منى أن أبات معها و"الشيطان شاطر" حاولت معها والبنت لم تمانع خاصة أنها لا تخاف على شىء"، لافتًا إلى أن هذا الأمر تكرر كثيرًا وأنه كان يذهب إلى منزل أسرتها، ويوهمهم بأنه يبحث عن الفتاة المختفية فى كل مكان حتى بدأت ملامح الحمل تظهر على الفتاة، فطالبته بالزواج منها وتطليق شقيقتها، حتى لا يجمع بين الاثنتين، ومن ثم قرر الخضوع لطلبها وتطليق زوجته، أم بناته الثلاثة، للزواج منها عرفيا بعد شهور من المعاشرة للاثنتين معا. ذهبت الفتاة إلى عيادة ولادة لتحديد موعد وضع الجنين، فشاهدتها سيدة اتصلت بوالدها وقصت عليه الأمر، حيث تم ضبط الفتاة واعترفت بأن زوج شقيقتها "نادى" وراء حملها وأنها كانت برفقته طوال الشهور الماضية، فحرر والدها محضرًا ضده، وتم القبض عليه، وعرض الجميع على النيابة، إلا أن الفتاة وضعت داخل حجز المركز قبل العرض على النيابة، وطلبت من والدها أن يسامحها، وهو الأمر الذى وافق عليه لتخلى النيابة سبيل الجميع بعد التصالح عن المحضر رقم 3611.





ماجدة: الثرى العربى اشترانى بفلوسه وكان يربطنى بالحبل لما يعاشرنى



«ماجدة.م» 35 سنة ربة منزل، تسرد كواليس زواجها من ثرى عربى عندما كانت فتاة قاصر، قائلة: "كنت فتاة صغيرة أجمع العرائس لألعب بها فى منزل جدرانه متهالكة وسقفه اقترب من الأرض كثيرا، برفقة أب عاجز عن توفير لقمة عيش لنا، وأم تنهش الأمراض فى جسدها دون أن نجد ثمن العلاج، «هو إحنا يا بيه كنا لاقين نجيب عيش حاف عشان نجيب علاج".





ووسط هذه الحياة الصعبة القاسية أضافت ماجدة: "كنت أحلم باليوم الذى أكبر فيه وأخرج إلى سوق العمل لأحصل على المال وأساعد والدى وأرسم الفرحة على وجهه وأمى.. وذات يوم استقيظت من نومى على أصوات مجموعة من الأشخاص يجلسون مع والدى، ومن خلف باب حجرتى شاهدت أحدهم يرتدى جلبابا أبيض و«شال» على رأسه «زى بتوع الخليج» ولهجته غير مفهومة، وتركوا أموالا لوالدى وانصرفوا بعد قرابة ساعة، وشاهدت الفرحة لأول مرة على وجه والدى، وفى هذه الليلة لأول مرة أكلنا لحمة، وأكلت كثيرا لدرجة إن «بطنى وجعتنى أصلى مش مولفه على اللحمة»، ولم يتحدث والدى معى فى شىء.





وتابعت الضحية: "مر أسبوع على زيارة الرجل العربى إلى منزلنا المتواضع.. تلك الزيارة التى غيرت معالم حياتنا تماما، ودخلت أمى غرفتى ودموعها تسبق حروفها وبعد مقدمات طويلة عرفت منها أننى سأتزوج هذا الرجل العربى الذى كان عمره يتخطى الستين عاما مقابل أموال كثيرة سيقدمها لأسرتى.. لم أكن ساعتها أدرك ماذا يعنى الزواج، لكن على كل حال عرفت من أمى أن هذا الأمر فيه خير لأسرتى فوافقت فى الحال، ومرت أيام قليلة وحضر الرجل بسيارة وذهبت معه بعدما جاءت سيدة إلى منزلنا وجهزتنى".





وعن كواليس حياتها مع العربى قالت الضحية: "دخلت برفقته شقة فارهة فى القاهرة استأجرها لعدة شهور، وتناولت معه العشاء، وبعدها لاحظت أنه يتناول كميات من الحبوب، فاعتقدت أنها أدوية وعرفت فيما بعد أنها أقراص منشطة جنسيا، وطلب منى خلع ملابسى، لكننى رفضت، مع أن أمى شددت على بأن أنفذ له ما يشاء، وبعد قرابة نصف ساعة من الحديث فشل الرجل فى إقناعى، فتحول إلى شخص شرس جردنى من ملابسى بالقوة، حتى أصبحت عارية تماما، ثم أحضر «حبال» وربطنى فى السرير، وعاشرنى جنسيا بقوة حتى كدت أفقد الوعى، وكرر هذا الأمر لمدة 3 أيام حتى أصبحت لا أطيق نفسى، وبعدها توسلت إليه أن يتركنى فأعطانى أموالا وعدت إلى أسرتى مرة أخرى".





وعن دمار حياتها بعد زواجها وهى قاصر لمدة 3 ايام من ثرى عربى وتداعيات هذا الزواج على حياتها المستقبلية، قالت الضحية طويلة القامة بدينة الجسد سمراء الملامح: "مرت سنوات على بعد هذه الواقعة البشعة دون زواج حتى اقترب العمر من الثلاثين، وعندها تقدم شاب للزواج منى اشترط على أسرتى أن يكون الزواج عرفيا لمدة معينة ثم تحويل الأمر بعد ذلك إلى زواج رسمى فوافقوا، وتزوجته وطلب منى عدم الحمل حيث إنه لا يرغب فى الإنجاب حاليا، وعشت معه عدة أشهر، كان لا يشغله فيها سوى المعاشرة الجنسية، وعانيت من والدته التى كانت تقطن معنا بنفس الشقة بالمقطم فى القاهرة وكانت تتحكم فى حياتنا بصورة غير طبيعية، ورغم تشديده على عدم الحمل إلا أننى شعرت أن جنينا يتحرك داخل أحشائى، وعندما عرف ذلك جن جنونه وطردنى من الشقة ومزق ورقة الزواج العرفى برفقة والده، وساومنى على إجهاض الحمل مقابل الاستمرار فى الزواج لكننى رفضت".





واستطردت الضحية: "اسودت الدنيا فى عينى مرة أخرى، وبدأت الديون تتراكم على ولم أستطع العمل بسبب الحمل، ومع شدة الجوع الذى عطل تفكيرى ذهبت إلى سيدة وطلبت منها الحصول على المال مقابل أى شىء، فأخذتنى إلى شقة بالقرب من ميدان التحرير كان يجلس فيها رجل بمفرده وطلبت منى أن أعاشره مقابل حصولى منه على المال ولم أخبره أننى حامل، ومرت الأشهر ووضعت ابنى، وتوسلت إلى والده أن يساعدنى بالمال لكنه رفض ولم يعترف بالطفل، وبدأ الجوع ينهش أجسادنا أنا والطفل فعرضت فلذة كبدى للبيع، نعم قررت أبيع ابنى من أجل المال، «أصلى ما حدش جرب الفقر.. دا ممكن يخلى الواحد يبيع نفسه»، وبعدها بدأت أتغلب على الجوع وتراجعت عن تفكيرى وعدت بابنى إلى شقة استأجرتها بـ400 جنيه وأعمل خادمة فى المنازل لجمع المبلغ شهريا حتى أوفر لقمة العيش لطفلى وأحمى جسدى وابنى من البيع، «ربنا يكفيكم شر العوز".







إحصائيات: الحوامدية تتصدر قوائم زواج القاصرات بنسبة 8.3 %



ارقام واحصائيات مخيفة عن زواج القاصرانت فى مصر، الذى بدأ يزداد بصورة مخيفة فى الاونة الاخيرة خاصة مع زيادة الفقر والبطالة ، حيث بدأ ظهر الامر يتفشى فى العديد من القرى الفقيرة على مستوى الجمهورية كان ابرزها قرى جنوب محافظة الجيزة التى احتلت رقم واحد فى زواج القاصرات.





احتلت محافظة الجيزة المركز الأول فى زواج القاصرات ، وتتصدر الحوامدية القائمة فى تزويج الفتيات قبل سن 18 عاما بنسبة 8.3 بالمائة، ثم أبو النمرس بنسبة 6 بالمائة، و البدرشين بنسبة 3.4 بالمائة، وذلك وفق دراسة أجراها المركز الديموغرافى بمعهد التخطيط القومى، وأوضحت الدراسة إلى أن متوسط دخل الأسرة التى تلجأ إلى بيع بناتها بين 850 جنيها إلى 1000 جنيه شهريا مقسما على عدد ثمانية أفراد، بمتوسط إنفاق أقل من دولارين فى الشهر، وهو ما يعنى دخول هذه الأسر فى نطاق حد الفقر حسب توصيف الأمم المتحدة، الأمر الذى زاد من زواج القاصرات بهذه المناطق.







قانونيون : عقوبة زواج القاصرات تصل للسجن 15 سنة



ويؤكد الدكتور سمير صبرى المحامى، أن الماذون الذى يجرى عقد زواج القاصر يقدم للجنايات لمخالفته للقانون، حيث يتعين عليه أن لا يجرى العقد إلا بعد بلوغ السن القانونية، ومن يخالف ذلك يقدم للمحاكمة الجنائية وتصل العقوبة فيها إلى 15 سنة حد أقصى و10 سنوات أدنى.





وأضاف قانونيون أن قانون الطفل رقم 126 لسنة 2008، منع زواج القاصرات أقل من 18 سنة باعتبارهن أطفال، لكن للأسف بعض المحامين من أجل المال يلجأون إلى تزوير شهادات الميلاد حتى يتم كتابة الطفلة بتاريخ قديم يظهر كبر سنها للتزوج على يد مأذون بصورة طبيعية.





علماء الدين: زواج القاصرات لأيام محددة باطل لأنه نكاح متعة



قال الدكتور على الخطيب، الأستاذ بجامعة الأزهر ، إن النبى صلى الله عليه وسلم شدد إلا يكون الزواج إلا عن طريق ولى، لافتاً إلى أن الشخص الذى يزوج ابنته لمدة أيام أو وقت زمنى محدد من ثرى عربى من أجل المال، يطلق على هذا الزواج فى الإسلام "نكاح المتعة" وهو باطل شرعا، كما أن الإسلام حرص على تقدير المرأة وزواجها بشكل يليق بها وليست كرقيق تباع وتُشترى.





الموروثات الخاطئة والجهل



وقالت الدكتورة مرورة الدرديرى خبيرة العلوم الاجتماعية والنفسية، إن أسباب زيادة زواج القاصرات يرجع إلى الفقر والجهل وغياب الوازع الدينى وانعدام الثقافة، ووجود بعض الموروثات الخاطئة، حيث إن هناك من يرى أن "البنت مالهاش غير بيت جوزها" مهما كان الأمر، و"الراجل ما يعبوش غير جيبه" فيزوجوا الفتاة القاصر لكهل ثرى من أجل المال.





وأضافت خبيرة العلوم الاجتماعية، أن الفتاة التى تتزوج قاصر تحرص على أن تعيد الأمر مع بناتها فيما بعد، وبذلك يتم تدمير أجيال وتتحقق الكارثة، ومن ثم يتطلب الأمر جهود جميع مؤسسات الدولة بما فيها الأزهر والأوقاف والإعلام والأمن وغيرها لوقف هذه الظاهرة والحفاظ على بناتنا من هذا الخطر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق